+A
A-

47624 طلبا على قوائم الانتظار

  • طلبات الوحدات أقدمها يعود للعام 2002 والقسائم إلى 2013 والشقق إلى 2015

  • تخصيص جزء من الوحدات لأهالي المنطقة وفق أقدمية طلباتهم يؤدي إلى تهميش معيار الأقدمية

أكدت لجنة التحقيق النيابية بشأن مدى فاعلية الخطط والبرامج الإسكانية المقدمة من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، أن ردود وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بشأن عدالة توزيع الوحدات السكنية للمواطنين كانت محل تساؤلات، وقد ركزت اللجنة على ضرورة ضمان تكافؤ الفرص بين المواطنين في جميع المحافظات والآليات التي تعتمدها الوزارة لتوزيع المشروعات السكنية.

وحصلت “البلاد” على نسخة من مسودة تقرير لجنة التحقيق البرلمانية. وتنشر بعدد اليوم خلاصة الملاحظات.

ففيما يتعلق بالمعايير المعتمدة في توزيع الوحدات السكنية على المواطنين، أفادت الوزارة بأنها تتبع نظامين رئيسين في توزيع المشروعات، الأول هو توزيع “المشروعات العامة” مثل المدن السكنية التي تنفذها الوزارة، إذ تخصص نسبة من الوحدات لطلبات أهالي المحافظة التي يتم فيها المشروع، وتوزع النسب الأخرى وفق أقدمية الطلبات على مستوى المملكة.

أما النظام الثاني فيتعلق “بالمشروعات المناطقية”، حيث يتم تخصيص الوحدات للمواطنين حسب أقدمية الطلبات داخل المنطقة، ثم للطلبة المجاورين، وأخيرا على مستوى المحافظة.

وأوضحت الوزارة أنها تراعي الحفاظ على النسيج الاجتماعي للمناطق، عبر تخصيص جزء من الوحدات لأهالي المنطقة وفق أقدمية طلباتهم، وعلى رغم ذلك، لاحظت اللجنة أن هذه الآلية قد تؤدي إلى تهميش معيار الأقدمية في بعض الحالات؛ ما يؤثر على العدالة بين المواطنين.

تقرير المشروعات

وبحسب تقرير لجنة التحقيق فإن الوزارة لم تقدم معلومات واضحة بشأن مواقع المشروعات السكنية التي تم تنفيذها أو عدد الطلبات التي تمت تلبيتها، كما لم يتم تقديم بيانات عن الشكاوى التي تقدم بها المواطنون المتضررون من عدم تطبيق مبدأ العدالة في التوزيع؛ ما يعكس نقصا في التعاون مع لجنة التحقيق ويعرقل عملها.

قوائم الانتظار

ومن أبرز ملاحظات اللجنة، كان تكدس الطلبات في قوائم الانتظار منذ أكثر من 15 عاما؛ ما يعكس خللا في عدالة التوزيع طلبات الوحدات السكنية التي تعود إلى العام 2002، والقسائم السكنية إلى 2013، بينما الشقق السكنية يعود أقدمها إلى 2015 و2016؛ ما يشير إلى عدم قدرة الوزارة على معالجة الطلبات القديمة وتلبية احتياجات المواطنين.

وأشار تقرير لجنة التحقيق النيابية إلى أن اللجنة تابعت ملاحظاتها بشأن قوائم الانتظار الخاصة بالطلبات الإسكانية، ووجدت أن هناك تأخيرات كبيرة في تلبية احتياجات المواطنين على الرغم من مرور سنوات عديدة، وتبين للجنة أن أقدم الطلبات الإسكانية يعود إلى العام 2002، إذ بلغ مجموع الطلبات على قوائم الانتظار 47624 طلبا إسكانيا منذ ذلك العام وحتى الآن، وبلغ مجموع طلبات الوحدات الإسكانية التي مازالت على قوائم الانتظار 44632 طلبًا، وأقدم الطلبات يعود إلى العام 2022، فيما بلغ مجموع طلبات القسائم السكنية 1295 طلبًا، وأقدم الطلبات يعود إلى العام 2013، بينما بلغ عدد طلبات شقق التمليك 1697 طلبا، وأقدم طلب لشقق التمليك يعود إلى العامين 2015 و2016.

ولفت التقرير إلى التكدس في المحافظات، إذ تعد المحافظة الشمالية الأكثر تضررًا من حيث تكدس الطلبات، إذ بلغ مجموع الطلبات بها 20441 طلبًا، وتشمل 19650 طلبًا للوحدات الإسكانية، و317 طلبًا للقسائم السكنية، و474 طلبًا لشقق التمليك، فيما جاءت محافظة العاصمة في المرتبة الثانية بإجمالي طلبات 12304 طلبات، ومحافظة المحرق في المرتبة الثالثة بإجمالي طلبات 8276 طلبًا، أما المحافظة الجنوبية في المركز الأخير بإجمالي طلبات 6603 طلبات.

وأظهرت اللجنة أن الطلبات المتكدسة في المحافظة الشمالية كانت قد رُصدت أيضًا في التقرير السابق للجنة التحقيق النيابية التي تشكلت في العام 2020، إذ كان قد بلغ عدد الطلبات المتكدسة هناك 1670 طلبًا مقارنة بـ 2599 طلبًا في باقي المحافظات مجتمعة، وعلى رغم مرور الوقت لم يتم حل هذه المشكلة حتى الآن.

كما لاحظت اللجنة أن الطلبات الإسكانية التي تعود إلى العام 2002 تمثل جزءًا من هذه المشكلة، إذ بلغ عددها 1067 طلبات فقط في جميع المحافظات، في حين أن مجموع الطلبات الإسكانية لجميع المحافظات منذ 2002 وحتى الآن بلغ 44632 طلبًا.

دقة البيانات

وذكرت اللجنة أن هناك العديد من الطلبات التي لم تتم تلبيتها تعود إلى ما قبل العام 2002، وهو ما يعكس خللا في معالجة الطلبات الإسكانية.

وتؤكد اللجنة أن تكدس الطلبات الإسكانية يشير إلى وجود خلل في آليات التوزيع والمعالجة من قبل الوزارة.

ولاحظت لجنة التحقيق أن رد الوزارة على قضية تكدس الطلبات الإسكانية منذ أكثر من 20 عامًا لم يتضمن أي حلول سريعة أو ناجعة لمعالجة هذه المشكلة المستمرة.

وأشارت اللجنة إلى أن الوزارة كان من الممكن أن تضع إطارًا زمنيًا محددًا لتلبية هذه الطلبات القديمة، أو أن تقدم خدمات مؤقتة مثل توفير سكن مؤقت للمواطنين إلى حين استلامهم لوحداتهم السكنية. ويترتب على تأخير تلبية هذه الطلبات لفترات طويلة آثار سلبية كبيرة على المواطنين، خصوصًا من فئة محدودي الدخل الذين يعانون ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات وزيادة معدلات التضخم؛ ما يجعل تحمل تكاليف السكن أمرا صعبا عليهم.

كما نبهت اللجنة إلى أن تأخر تلبية الطلبات قد يجعل هذه الوحدات السكنية غير ملائمة لاحتياجات المواطنين مع مرور الزمن؛ ما يخلق فجوة بين التخطيط والتنفيذ ويؤدي إلى غياب العدالة في توزيع الخدمات الإسكانية في الوقت المناسب.

خفض الطلبات

وأفادت الوزارة في ردها بأن إجمالي عدد الطلبات الإسكانية قبل توفر برامج التمويل في العام 2022 كان قد تجاوز 55 ألف طلب، إلا أنها انخفضت الآن إلى 47624 طلبًا بفضل الخيارات الإسكانية التي تم توفيرها عبر برنامج التمويلات الإسكانية. كما تم منح أصحاب الطلبات القديمة (قبل العام 2004) حلولا بديلة. وعلى رغم ذلك، ما تزال بعض الطلبات القديمة جدًا لم تتم تلبية احتياجاتها بعد.

ولاحظت اللجنة أن رد الوزارة لم يقدم مسوغات كافية لعدم تلبية الطلبات الإسكانية المتكدسة منذ العام 2002 وما قبلها، على الرغم من مرور أكثر من 20 عامًا. هذا التأخير يعد إخلالًا بمبدأ عدالة التوزيع وتكافؤ الفرص. وهذا الوضع يستدعي تلبية عاجلة لهذه الطلبات، خصوصا تلك التي مضى عليها ما يقارب عقدين أو أكثر.

وأفادت وزارة الإسكان في ردها، بأن عدد الطلبات المرشحة للحصول على وحدة سكنية بلغ 1948 طلبًا، بينما بلغ عدد الطلبات المرشحة للحصول على شقة تمليك 1361 طلبًا. ومع ذلك، لاحظت اللجنة أن الرد كان غامضًا ولم يتضمن تفاصيل واضحة عما إذا كان هؤلاء المتقدمون قد تسلموا شهادة الاستحقاق بالفعل. كما أن الرد لم يوضح تاريخ تقديم هذه الطلبات أو وقت التسليم الفعلي للوحدات أو الشقق، في حال تم تسليم شهادات الترشيح لهم فعلا. (اقرأ الموضوع كاملا بالموقع الإلكتروني).

الإطار الزمني

وأشارت اللجنة إلى أن العدالة في التوزيع لا تقتصر فقط على تخصيص الوحدات السكنية أو الشقق، بل تمتد إلى ضمان حصول المستحقين على الخدمة الإسكانية في توقيت مناسب. وعليه، فإن غياب إطار زمني تقديري للتسليم الفعلي يضع المواطنين المستحقين في حالة من القلق وعدم الاستقرار الأسري، إذ يعد من الضروري أن يتوافر إطار زمني تقديري لتحديد مواعيد التسليم؛ لضمان تلبية احتياجات المواطنين بشكل مناسب.

وأفادت الوزارة بأنه تمت تلبية 11266 طلبًا في السنوات الثلاث الأخيرة، شملت طلبات خدمات التمليك والخدمات التمويلية، بينما بلغ عدد الطلبات المقدمة في الفترة ذاتها 9183 طلبًا، إلا أن اللجنة لاحظت عدم وضوح الرد بشأن عدد الطلبات الخاصة بالخدمات التمويلية بشكل منفصل عن طلبات خدمات التمليك؛ ما يجعل من الصعب على اللجنة تقييم مدى فعالية الخدمات التمويلية في تلبية احتياجات المواطنين محدودي الدخل.

كما أن اللجنة لم تتبين نوع الخدمات التي تمت تلبيتها تحديدًا، وهو أمر بالغ الأهمية لفهم جدوى الخدمات التمويلية ومدى ملاءمتها للفئة الأكثر احتياجًا، وهي فئة المواطنين محدودي الدخل. وهذه الفئة تعد الأكثر استحقاقًا للدعم الإسكاني؛ ما يستدعي ضرورة التأكد من أن الخدمات التمويلية المقدمة تلبي احتياجاتها الفعلية.

لذا تؤكد اللجنة ضرورة الوضوح والدقة في الردود الوزارية، خصوصا في ما يتعلق بالتفاصيل الدقيقة بشأن التسليم الفعلي للوحدات السكنية وشقق التمليك. كما تؤكد اللجنة أهمية وضع إطار زمني تقديري للتسليم الفعلي لضمان العدالة الاجتماعية واستقرار المواطنين المستحقين. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر مراجعة شاملة لتحديد مدى فاعلية وملاءمة الخدمات التمويلية لضمان استفادة محدودي الدخل منها.

وأفادت وزارة الإسكان في ردها على استفسار اللجنة بشأن تلبية طلبات تعود إلى العام 2006، بأنها قامت بتلبية عدد من الطلبات المتعلقة بخدمات القسائم والشقق السكنية، لكن الوزارة لم تحدد العدد الدقيق لهذه الطلبات. كما أشارت إلى أن بعض المواطنين الذين كانت طلباتهم تتعلق بخدمات التمليك قاموا بتحويل طلباتهم إلى الخدمات التمويلية، لكنها لم توضح عدد هؤلاء المواطنين بدقة.

كما أفادت الوزارة بأنها قامت بتلبية عدد من الطلبات بصفة استعجال لأسباب إنسانية وطارئة، وتشمل بعض الطلبات التي تعود إلى العام 2006. ومع ذلك، لم تذكر الوزارة عدد هذه الطلبات في تعاملها، ولم توضح الوزارة أيضًا المسوغات التي دفعتها للاستعجال في تلبية هذه الطلبات؛ ما يمنع اللجنة من التحقق من مدى استحقاق هذه الطلبات للاستثناء من معيار الأقدمية.

وأفادت وزارة الإسكان في ردها على استفسار اللجنة، بأن عدد الطلبات الإسكانية الملغاة بسبب عدم استيفاء معايير الخدمة بلغ 2705 طلبات على مستوى جميع المحافظات؛ وذلك بسبب الأسباب التالية: عدم استيفاء الأسرة لشرط الإقامة الدائمة، عدم انطباق الشروط الخاصة بتكوين الأسرة، تملك أحد أفراد الأسرة لعقار سكني، الاستفادة بتمويل عقاري، انتقاد شرط تحديث البيانات بشكل دوري.

ورأت اللجنة شرط إلزام المواطنين بتحديث بياناتهم الخاصة بالدخل كل عامين أو بناء على طلب الوزارة شرطا مجحفا ومخالف لمقتضيات العدالة، إذ يثقل كاهل المواطن ويُعرضه لخطر إسقاط حقه في الحصول على السكن الملائم لأسباب شكلية فقط. كما أن اشتراط تحديث الدخل بعد تقديم الطلب، على رغم استيفاء المواطن لشروط الدخل مسبقًا، لا يراعي أثر التضخم و ارتفاع تكاليف المعيشة. وهذا يُؤدي إلى عدم عدالة في التوزيع، إذ قد يتسبب ارتفاع دخل المواطن (بطريقة طبيعية بعد عامين) في إخراجه من نطاق الاستحقاق، على الرغم من أن الزيادة في الدخل قد تكون أقل بكثير من الزيادة في تكاليف الحياة. ويترتب على هذا الإجراء نتائج غير عادلة تتناقض مع الواقع الاقتصادي للمواطنين.

إلغاء الشرط

بناءً على ذلك، كانت لجنة التحقيق قد طالبت في المجالس السابقة بإلغاء هذا الشرط، وهو ما أكده أيضًا مجلس النواب في اقتراحات برغبة في الفصول التشريعية السابقة. وتؤكد اللجنة ضرورة إعادة النظر في هذا الشرط كونه يتعارض مع مبدأ العدالة الاجتماعية.

وأفادت الوزارة بأنها تقوم بإشعار مقدم الطلب في حال إلغاء الطلبات الإسكانية بسبب عدم استيفاء المعايير، وتمنحه فرصة لتصحيح الطلب في مدة لا تتجاوز عامين من تاريخ الإلغاء. ولكن رد الوزارة لم يتضمن تفاصيل دقيقة عن تاريخ تقديم الطلبات الملغاة أو فترة الانتظار المتعلقة بها، ما يعكس غموضًا في التعامل مع هذه الطلبات ويعوق اللجنة عن تقييم فعالية إجراءات الوزارة في هذا المجال.

وأكدت اللجنة ضرورة مراجعة شروط تحديث البيانات وتعديلها بما يتماشى مع العدالة الاجتماعية و المساواة بين المواطنين. كما يجب على الوزارة توضيح الإجراءات المتعلقة بإلغاء الطلبات وتقديم معلومات دقيقة عن فترة الانتظار والمواطنين المتضررين من هذه الإجراءات.

برامج التمويل

إلى ذلك، أفادت الوزارة بأن من بين الأهداف الأساسية لهذه البرامج التمويلية هو توفير حلول مرنة تتناسب مع إمكانات مختلف فئات المواطنين، بما فيهم أصحاب الدخل المحدود، عبر منحهم تمويلًا مدعومًا يمكنهم من شراء وحدة سكنية من القطاع الخاص أو ضمن مشروعات التطوير العقاري، ولكن اللجنة لاحظت ما يلي: إن البرامج التمويلية على رغم مرونتها النظرية لا تُعد حلا عمليا لكل المواطنين، خصوصا من فئة ذوي الدخل المحدود الذين لا يملكون القدرة الكافية على سداد القروض، أو لا يُقبلون من الجهات التمويلية بسبب ضعف ملاءتهم المالية. كما أن عددا كبيرا من المواطنين ما زال يفضل خيار التمليك المباشر من الدولة عبر الوحدات أو القسائم أو الشقق؛ وذلك لغياب الأعباء التمويلية وعدم الحاجة للالتزام بسداد أقساط على المدى الطويل، ولم تقدم الوزارة أي إحصاء دقيق يوضح نسبة المواطنين ذوي الدخل المحدود الذين استفادوا فعليا من برنامجي “مزايا” و ”تسهيل”، ومدى قدرتهم على تحمل التزامات التمويل. كما لم يتضح مدى ملاءمة القيم التمويلية الممنوحة مقارنة بأسعار السوق العقارية الحالية، إذ إنه في كثير من الحالات يفوق سعر الوحدة أو الشقة السكنية القيمة الممولة؛ ما يُجبر المواطن على دفع فارق مالي لا يستطيع تحمله.

ولاحظت اللجنة غياب مؤشرات قياس أداء يمكن عبرها تقييم مدى نجاح هذه البرامج في تحقيق أهدافه الأساسية، ولم يتم تقديم أي دراسات جدوى اقتصادية أو اجتماعية توضح تأثير هذه البرامج على الطلبات القديمة أو مدى مساهمتها في تقليل فترة الانتظار.