أدى التقدم السريع للتكنولوجيا الرقمية إلى تطور في مختلف الصناعات، والصيدلة ليست استثناء، من تحسين رعاية المرضى إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية، تعيد الابتكارات الرقمية تشكيل طريقة تقديم الخدمات الصيدلانية. اﻷدوية الذكية هي إحدى القطع التي أضيفت إلى لوحة التكنولوجيا الرقمية والصيدلة، وإن صح التعبير فإننا نشهد بداية “عصر الصيدلة الرقمية”.
الأدوية الذكية هي نتاج تلاقح المنتجات الصيدﻻنية مع التكنولوجيا مثل أجهزة الاستشعار أو الرقائق الدقيقة أو الخوارزميات أو الواجهات الرقمية، والتي تمكنها من أداء وظائف تتجاوز التأثيرات الدوائية التقليدية. وتم تصميم هذه الأدوية لتتجاوز طريقة توصيل الأدوية التقليدية من خلال التكيف مع الظروف الفسيولوجية أو تتبع فعاليتها أو توفير بيانات في الوقت الفعلي. على سبيل المثال، قد يطلق الدواء الذكي مكوناته الفعالة فقط عندما يتم استيفاء شروط محددة في الجسم، أو قد يتعقب الدواء تناول المريض جرعته ومدى التزامه بخطة العلاج وينقل هذه البيانات إلى مقدمي الرعاية الصحية عبر التكنولوجيا اللاسلكية.
وهناك العديد من التقنيات المتطورة المتاحة للأدوية الذكية مثل:
- أجهزة الاستشعار المتوافقة بيولوجيًا، حيث يمكن دمجها داخل الحبوب أو الأشكال الصيدﻻنية اﻷخرى، حيث تقوم بمراقبة وظائف الجسم الفسيولوجية مثل مستويات درجة الحرارة أو مستويات الجلوكوز.
- آليات الإطلاق الخاضعة للرقابة: باستخدام مواد مثل الهلاميات المائية أو البوليمرات، تسمح هذه الأنظمة بإطلاق الأدوية بمعدلات محددة أو بسبب تغيرات الوسط الموجودة فيه.
• الاتصالات اللاسلكية: تستخدم العديد من الأدوية الذكية البلوتوث أو التقنيات اللاسلكية الأخرى لإرسال البيانات إلى الهواتف الذكية أو الأنظمة السحابية للمراقبة عن بعد.
• الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي: تحلل الخوارزميات البيانات التي يتم جمعها بواسطة الأدوية الذكية لتوفير رؤى، والتنبؤ بالنتائج، وتخصيص أنظمة العلاج.
ومن الأمثلة البارزة على الأدوية الذكية دواء أبيليفاي ماي سايت (Abilify MyCite) المعتمد من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA – Food & Drug Administration)، والذي يحتوي على مستشعر صغير جداً قابل للابتلاع يقوم بتتبع عدد مرات تناول الدواء ومن ثم التواصل مع قطعة خارجية صغيرة يمكن حملها أو لصقها على الجلد، والتي تقوم بدورها بالاتصال مع تطبيق على الهاتف المحمول وبعد ذلك إشعار الطبيب بهذا الأمر، ما يمكنه من التأكد من التزام المريض بتناول الدواء واتباع خطة العلاج.
هناك العديد من الفوائد التي تم ذكرها للأدوية الذكية ومنها:
• تحسين التزام المريض بتناول الدواء (Adherence or Compliance): واحدة من أكبر التحديات في الرعاية الصحية هي عدم الالتزام بالعلاج، ما يمكن أن يؤدي إلى نتائج سيئة وتكاليف رعاية صحية أعلى. تضمن الأدوية الذكية أن يتناول المرضى الجرعات الموصوفة لهم من خلال توفير التذكيرات والتنبيهات وتتبع الالتزام.
• العلاج الشخصي: يمكن برمجة الأدوية الذكية لإطلاق مكوناتها النشطة في أوقات محددة أو استجابة لحالات فسيولوجية معينة، مثل التغيرات في درجة الحموضة أو درجة الحرارة أو مستويات الجلوكوز، وهذا قد يمكّن العلاجات المخصصة من تلبية احتياجات كل مريض على حدة.
• المراقبة الدقيقة والحثيثة لجسم المريض: يمكن لأجهزة الاستشعار الدقيقة المدمجة في الأدوية أن تجمع وتنقل البيانات حول صحة المريض، مثل ضغط الدم، معدل ضربات القلب، مستوى السكر أو الأكسجين في الدم، ما يسمح بالكشف المبكر عن المشكلات المحتملة واتخاذ قرارات سريرية سريعة وفقاً لمعطيات أكثر دقة.
• تقليل الآثار الجانبية للأدوية: من خلال استهداف مناطق محددة في الجسم أو إطلاق الدواء فقط عند الحاجة، يمكن للأدوية الذكية أن تكون أكثر فاعلية وأمانأً مع آثار جانبية أقل.
• انخفاض التكاليف: من خلال منع المضاعفات وتقليل نسب دخول المرضى إلى المستشفى، يمكن للأدوية الذكية أن تقلل من نفقات الرعاية الصحية الإجمالية.
• تعزيز مشاركة المرضى: يصبح المرضى أكثر وعيًا بخطط العلاج والحالة الصحية، ما يعزز نهجًا استباقيًا لتحسين صحتهم ورفاهيتهم.
أكاديمي وعضو مؤسس بجمعية الصيادلة البحرينية