في ذكرى التصويت الشعبي على ميثاق العمل الوطني، وما تم تفعيله من المحاور والمبادئ، خصوصًا على صعيد التجربة الديمقراطية وما تحقق من نتائج إيجابية، وما واجهها من تحديات، قد يكون من المهم التوقف عند بعض المسائل المهمة في سياق التقييم والمراجعة.
الأولى: أن المشروع الإصلاحي فتح الباب أمام مرحلة جديدة من الحياة السياسية وعزّز الثوابت الوطنية وجعل الديمقراطية محورًا أساسيا من المشروع، كما جرى تفعيل الميثاق من خلال العديد من التشريعات والإجراءات الملموسة، وإقامة عدد من المؤسسات التي كرست تلك المبادئ، ومع أهمية هذا الجانب الإيجابي وما تحقق من نتائج ملموسة، لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من الخطوات التي تعزّز هذه التجربة وترسخها وتقوي التوافق الوطني الذي شكل دائمًا المحور الأساسي للمشروع.
الثانية: أن الأوضاع تتغير والتطلعات تتسع في ضوء تطوّر المجتمع الذي تحدوه الرغبة في تعزيز المشاركة السياسية والتنمية الاقتصادية، مجتمع أشدّ حرصًا على تكريس هذا التوجه ودعمه وحمايته طالما يحقق تطلعاته، خصوصًا أن المجتمع السياسي تغير، ولم تعد الجمعيات السياسية تحتكر الفعل السياسي والتأثير على الرأي العام، فالتحول الرقمي وفضاءاته أطلقا العنان للتعبير بحريّة عن الخوالج والمواقف، وفتح الباب واسعًا أمام الشباب بوجه خاص للمساهمة في رسم التوجهات وصنع المستقبل. وإذا كان التطور الذي أحدثه المشروع الإصلاحي تغييرًا هادئًا متبصّرًا، بإدخال الإصلاحات وفق جدول زمني واقعي، فإن التطلعات الجديدة للشباب الذين لم يكونوا مشاركين في التصويت على الميثاق في العام 2001م، يجب أن تٌؤخذ بعين الاعتبار في أي عمل ضمن التطلعات نحو حياة أفضل على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.
الثالثة: أن التّحدي المستقبلي على صعيد التجربة الديمقراطية هو كيف تكون التعددية السياسية قوة دافعة للتقدم ومعززة للوحدة الوطنية، بما يحول دون الانزلاق نحو التنازع أو المساس بركائز الاستقرار المجتمعي. ما يتطلب تعزيز العمل السياسي المباشر الذي يقوم على برامج واقعية قابلة للتنفيذ، وتحصين التكوين المتنوع للمجتمع، وترسيخ أسس المواطنة المتساوية، بالتوازي مع تعميق ممارسة الحرية والمسؤولية معًا، ليكون الفرد مشاركًا في بناء المجتمع، وأكثر اطمئنانًا على المستقبل في إطار مجتمع ديمقراطي.
كاتب وإعلامي بحريني