العدد 5959
الخميس 06 فبراير 2025
الحياة من أجل الآخر
الخميس 06 فبراير 2025

 لا تبدأ حياة الفرد حتى يتمكن من تجاوز الحدود الضيقة لاهتماماته الفردية إلى الاهتمامات الأوسع للبشرية جمعاء؛ فما الفرق إذا بينه وبين باقي المخلوقات، وما معنى أن يحيا لنفسه دون أن يعير اهتمامًا لمن حوله، ودون أن يدير بالًا لهمومهم وأوجاعهم، وكأنه يحيا في فقاعة تفصله عنهم وعن حاجاتهم إليه. نحن لا نعيش منفردين، ولا نستطيع أن نعيش كذلك، ولن نقوى على البقاء دون الاندماج مع الغير وتبادل الود وتقاسم العيش وحمل هموم الآخر وإلقاء همومنا على أكتاف من يهتم بنا.

“الناس لبعضها” هي من أصدق العبارات وأدقها؛ فكلنا نحتاج لمن حولنا كما يحتاجون هم إلينا. وبعيدًا عن المذاهب والأديان ينذر البعض أنفسهم لخدمة الآخرين، ويجتهدون في تقديم العون للبشرية إبان الكوارث والحروب والمجاعة، غير آبهين بالأخطار التي قد تحدق بهم، ويصرون على الوصول إلى المواقع المنكوبة لنجدة المحاصرين والجوعى والجرحى. ما يدفع هؤلاء المضحين بأنفسهم ومالهم ووقتهم لتقديم الدعم، كل الدعم، هو إحساسهم المفعم بالآخرين وحاجاتهم نتيجة الفطرة السليمة والتربية الصالحة التي تربوا عليها؛ فجبلوا على الود والتعامل مع الناس باختلاف أجناسهم وأديانهم على أساس إنساني قوامه الأخوة والشراكة في الخلق.

كذلك فإن تربية النفس على نبذ الكراهية والعنف والتمييز المذهبي والعرقي والتمتع بروح التآخي والسلام ومحبة الآخرين، دعائم مهمة لإرساء التلاحم والتعاضد الذي يؤسس لمجتمعات حصينة الثغور عصية على الهزيمة في أوقات المحن.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية