العدد 5943
الثلاثاء 21 يناير 2025
إطلالة من بعيد
الثلاثاء 21 يناير 2025

توجهت نحو الأفق البعيد لتمنح نفسها حق التأمل نحو المساحات التي ترنو بها لذاك الواقع الذي صنعته في مخيلتها لتبتعد عن هذا المكان الذي منه تغلغلت طاقات من البؤس والشقاء، أعجبها واقع الخيال أكثر، وبدأت تصنع منه حياة جديدة لا تُضاهيها حياة أخرى، صنعت شخوصًا مختلفين، انتقَت أوصافهم ممّا يُعجبها من عدّة شخوص يعيشون أرض الواقع ذاته، صفات لا يمكن أن تجتمع في شخص واحد بذاته.. فصنعت من حسّها الواعي العجائب، حتى بدت ترفض كل ما تراه وتهابه كما لو أنها تفتقد نطاق المحبة والسلام من الخارج. وفي هذا، فإن الثقة مُحالٌ لها أن تلتقي في طريقها، ولا يمكن أن تعود لذاك المكان الذي تألمت منه وتاهت به الأفكار والأوهام.
أعزائي القرّاء.. إن الابتعاد عن الواقع حالُ الكثيرين ممّن يصعب عليهم التكيف مع الظروف والمتغيرات التي قد تحمل لهم معها واقعًا مؤلمًا وذكريات مؤلمة، فيعيشون الحياة المثالية من صنع الخيال، يضعون فيها ما يرغبون ومن يرغبون من الأشخاص الأحياء منهم والأموات، يعيشون معهم أجمل اللحظات التي يصعب عليهم رؤيتها في الواقع بسبب التحديات والعقبات. إنه الخيال الذي يُعتبر منجاةً للكثيرين، إنه حل الابتعاد والفرار، ولكنه ليس حلًا نهائيًا على الإطلاق، وقد يؤدي إلى متاعب نفسية وجسدية مع مرور الوقت. وكما أننا نوازن حاجتنا من الطعام والشراب والهواء، فإن الابتعاد أيضًا قرار يحتاج إلى اتزان، وقد تكون معه الإطلالة من بعيد هي الحل كما لو جاءت بقدر من الاتزان. لذلك، فإن أسباب المتاعب النفسية قد تتعدد وتتشعب لتصل إلى الإنسان ذاته عندما لا يُدرك طبيعة التعامل مع ما يعتريه من تحديات.ويُقدِم على حلول أخرى لا تتناسب مع مُقوّمات شخصيته، بمجرد أنها جاءته نصيحة مُهداة من قريب أو صديق.
 لذلك، فإن الأمر مُختلف والسبب أننا ننشأ باحتياجات واستعدادات قد تختلف من شخص إلى آخر، فاحذروا التقليد. 

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية