يصادف يوم الرابع والعشرين من شهر يناير من كل عام اليوم الدولي للتعليم، وهو من أهم الأيام العالمية، حيث إن التعلّم أحد أهم حقوق الإنسان، لأنه ضرورة فردية ومجتمعية. الإنسان المتعلم يستطيع أن يبني مجتمعاً قوياً ومستداماً، والمجتمع القوي يمكنه أن يخلق مناخاً جيداً لتعلّم الأفراد، وقامت الجمعية العامة للأمم المتحدة (اليونسكو) بالإعلان عن اليوم الدولي للتعليم، فاليوم العالمي للتعليم مناسبة سنوية يتم الاحتفال بها للتأكيد على الدور الكبير الذي يلعبه التعليم في تنمية المجتمعات وبنائها.
والتعليم نسق اجتماعي وتربوي يُعهد للمدرسة القيام به، وهو يحتاج إلى التطوير المستمر لمسايرة كل ما هو جديد في المعرفة الإنسانية، وقد تصدرت خمس دول كأفضل الدول في التعليم في عام 2024 على مستوى العالم كما أعلنت منظمة اليونسكو، وهذه الدول الخمس هي فنلندا والدنمارك وكوريا الجنوبية وسنغافورة وكندا. وحاولت البحث عن المعايير المشتركة بين هذه الدول الخمس لمعرفة لماذا تتصدر عادة هذه الدول الصدارة في مستوى التعليم سنوياً، ووجدت أن هناك عدة جوانب مشتركة بين هذه الدول في نظام التعليم، أولها مبدأ المساواة سر النجاح، ويعني أن هذه الدول تحرص على أن يكون التعليم المقدم للطالب نوعياً لا كمياً، ويُقدَّم بالمساواة لجميع الطلبة في كل المدارس بغض النظر عن الفوارق بينهم سواء دينهم أو عرقهم أو مستواهم الاجتماعي أو الاقتصادي، ما يجعل أولياء الأمور لا يحتاجون إلى إلحاق أبنائهم بمدارس خاصة يدفعون لها الرسوم، وبالتالي يؤثر ذلك على ميزانية الأسر، خصوصا محدودة الدخل. لذلك لا توجد هناك مدارس خاصة كثيرة في هذه الدول، لأن زيادة المدارس الخاصة أحياناً تكون دليلاً على تدني مستوى أداء مدارس التعليم الحكومي.
لذلك ليس هناك ما يستدعي أن تُلحق الأسر أبناءها بمدارس بعيدة أو تخصيص مدرسين خصوصيين لأبنائهم، لأن هناك مساواة في نوعية التعليم الذي يُقدَّم للطالب سواء كانت مدارس حكومية أو خاصة، فتجد أن الطلاب مدارسهم قريبة منهم يذهبون إليها سيراً على الأقدام، لذلك لا تجد هناك زحمة سيارات أمام كل مدرسة وتصبح المدرسة جزءاً من الحي السكني. وكذلك تجد أن بعض المدارس بدون أسوار ولا يوجد هناك رجل أمن، ما يجعل الطالب يشعر بالأمن النفسي وتصبح العملية التعليمية متعة بالنسبة له، لذلك ينجذب الطالب للمدرسة، خصوصا الطفل الذي يشعر بأن دخوله الفصل دخول لغرفة موجودة في بيته، عكس بعض الدول التي تجد مدارسها عالية الأسوار وتُخصِّص رجل أمن أمام بوابة المدرسة، ما يجعل الطالب وخصوصا الطفل يشعر وكأن المدرسة سجن، وينتظر الطالب بفارغ الصبر متى تأتي الحصة الأخيرة وساعة الانفكاك والعودة للبيت.. وللمقال بقية.
كاتب وأكاديمي بحريني