العدد 5938
الخميس 16 يناير 2025
العملات المشفرة بين تحفيزات ترامب وتهديدات كوريا الشمالية
الخميس 16 يناير 2025

تتقلب العملات المشفرة على جمر انتظار وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للبيت الأبيض الاثنين المقبل، ورغم القفزات التاريخية للعملات التي حققها إعلان فوزه، ومع كل يوم يقرب توليه منصب الرئاسة، يبدو أن الأسواق تتحضر لحقبة جديدة من النمو، لكنها تظل قلقة من تقلبات محتملة نتيجة تصريحات أو سياسات غير متوقعة. الكثير من المستثمرين في العالم تحوطوا ضد التقلبات ومخاطر الانخفاض مع اقتراب حفل التنصيب، وظهر ذلك جليا في تحركات الأسواق والأسهم. وكان فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية أسهم بقفزة أسعار العملات المشفرة خلال 2024، بعد أن تبنّى سلسلة مواقف داعمة لها خلال حملته الانتخابية، في ظل توقعات بأن ترتكز سياسات ترامب الاقتصادية الجديدة على تقليل القيود التنظيمية وتحفيز السوق الحرة، ما يعزز من انتشار العملات الرقمية. المستفيد الأكبر كانت “دوج كوين”، العملة المشفرة المفضّلة لدى الملياردير إيلون ماسك المقرّب من ترامب، وزادت قيمتها العام الماضي بنسبة 264 %، أما “ريبل إكس آر بي” فقفزت 246 %، تلتها “تونكوين” التي ارتفعت قيمتها 143 %.  بتكوين، العملة المشفرة الأشهر والأكبر قيمةً سوقية، قفزت بدروها 126 % خلال 2024 وتخطت قيمتها 108 آلاف دولار للمرة الأولى في تاريخها. وعموما، فقد شهد عالم العملات المشفرة نموًا غير مسبوق، خلال السنوات القليلة الماضية، لكن طريقه كان مليئًا بالتحديات التي تهدد استقراره، من الهجمات السيبرانية المتطورة إلى الضرائب المرهقة والغموض التنظيمي.

وبينما أصبح ثلث سكان العالم الآن منخرطين بشكل أو بآخر في الأصول الرقمية، تتزايد الحاجة لفهم التحديات التي تعصف بهذه الصناعة. من تلك التهديدات، الهجمات الإلكترونية المرتبطة بكوريا الشمالية في عام 2024، ورغم تراجع وتيرة الهجمات، إلا أن تلك المجموعات المدعومة حكوميا لم تتراجع، بل أعادت ترتيب أوراقها، وباتت تعتمد على تقنيات متطورة تستهدف الشركات بشكل مباشر، مستهدفةً الأصول الرقمية بطرق ابتزازية تسببت في خسائر تجاوزت 1.3 مليار دولار.  هذه الجرائم الإلكترونية ليست مجرد تهديد مالي؛ بل تمثل ضربة قاسية لثقة المستثمرين، وهي عامل حيوي لنمو العملات المشفرة. تهديد آخر، يبرز في أميركا، رغم سياسات ترامب المرتقبة، فهناك على الجانب الآخر من العالم، تُظهر الولايات المتحدة ميلاً متزايدًا لاستغلال العملات المشفرة كمصدر للضرائب.  ورغم أهمية هذه الخطوة في ضمان تنظيم القطاع، إلا أن غياب إطار قانوني واضح وشامل يخلق بيئة ضبابية تعرقل التطور، كما تمثل العملات الرقمية الحكومية، الصادرة عن البنوك المركزية،  تحديًا مباشرًا للعملات المشفرة، وقد تعيد تشكيل النظام المالي بأكمله. تهديد جديد آخر للعملات المشفرة برز مع ظهور الحوسبة الكمومية (راجع مقال سابق عنها) والتي تبدو معها خوارزميات التشفير التقليدية مهددة، مما يدفع لتطوير نظم تشفير مقاومة.  في المستقبل القريب، يتوقع أن تؤدي سياسات ترامب الاقتصادية إلى فتح آفاق جديدة أمام العملات المشفرة، وفي الوقت ذاته، أثارت النقاشات حول تجميد البتكوين مخاوف من تحول العملات المشفرة نحو المركزية، وهو أمر يتناقض مع الفلسفة الأصلية لهذه التقنية. أما على المدى البعيد، فإن استدامة العملات المشفرة ستعتمد على تطوير بنى تحتية تكنولوجية أقوى، وتحقيق توافق عالمي حول الأطر التنظيمية، وفي ظل التحولات الاقتصادية العالمية، قد تصبح العملات الرقمية جزءًا لا يتجزأ من النظام المالي العالمي. في النهاية، يبقى مستقبل العملات المشفرة مرهونًا بقدرتها على التكيف مع المتغيرات وحل الأزمات التي تواجهها، لتستمر كقوة مالية تقنية تقود العالم نحو آفاق جديدة.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .