التسليم الشديد بأن الأجيال القادمة لها الأفضلية في كل شيء، وأنها مميزة عن الآخرين في كل شيء، وأنها صاحبة أفكار خارج الصندوق ومختلفة كليا عن المدارس الكلاسيكية، وأن بأيديها ستنتقل البشرية إلى عصور أفضل، لهو شيء “لطيف” لكنه مبالغ فيه حقا! لماذا أظن ذلك؟ لأنني ببساطة لم أر ذلك، فأنا وغيري نحتك يوميا بمئات أو آلاف الطلاب ويزيد على ذلك، لم أر ما كتبته في مقدمتي؟ فالجيل الجديد بلا إيثار، وأغلبيتهم يفكرون في حقوقهم قبل واجباتهم! لست هنا لأحبطكم، لكن قليلين فقط اختلطوا بتجارب الكبار واستمدوا بعضا من الحكمة والروية في التصرفات، ويتطلعون إلى أن يكونوا مؤثرين حقيقيين في مجتمعهم من خلال خدمته بأفكارهم وتطلعاتهم وأحلامهم وأهدافهم!
ولست هنا لأحبطكم أبدا، بل لأطلب منكم أن نوقف التمجيد في الجيل الحديث ونتوقع منهم ما لا يمكن توقعه، لأن ذلك أشبه بخيبة أمل لم يلمسها الكل إلى الآن، كما أود أن ألفت عناية الكثيرين إلى أن الشباب ليسوا فقط مواليد التسعينات والألفية الحديثة، وأن اللغة تفرض للعقد عشر سنوات، والجيل ٣٣ سنة، وإذا ما نظرنا حولنا سنجد مواليد السبعينات والثمانينات في أبهى صورهم وريعان شبابهم، فمن قال إنهم حصلوا على فرصتهم في تلك الحياة ووجب أن يترجلوا عنها! والأهم من ذلك لماذا لا يعمل الجيل الشاب الحديث جنبا إلى جنب مع أصحاب الخبرة والتجربة حتى يصبح نتاج ذلك كله نجاحا باهرا ونقلة صحيحة لعصر جديد! مازلت أؤكد أن من بين الجيل الصاعد من هم أصحاب استحقاق عال دون أثر ملموس، ومنهم أيضا الشغوف والملهم ورائد الأمنيات والأحلام المصمم على تنفيذها، كل ما يحتاجونه مبادرة تشجيع حقيقية دون مبالغات من قبلنا، فهم دائما قابلون للتصحيح والتوجيه إلى أن يمتلكوا الخبرة والحكمة والمعرفة.