إن من أصعب ما يمر على الإنسان أن يكتب شعوره وما يدور في خلجات قلبه تجاه غال وحبيب فقده، فالحزن والألم يملآن القلب فيصعب على العقل أن يدون ويحرر ما يحاك في فكره من كلمات وعبارات، وهذا ما أعانيه الآن، وأنا أحاول أن أكتب كلمات الرثاء في أخي وصديقي العزيز الأستاذ توفيق صالحي، رحمه الله، الذي انتقل إلى جوار ربه، بعد مسيرة إعلامية مهنية حافلة بالإنجازات والعطاءات، وترك بصمات واضحة على الساحة الوطنية عبر سنوات طويلة من العمل في خدمة الإعلام الوطني، وتميز بحضوره البارز من خلال تغطياته لمختلف الفعاليات الرسمية والرياضية داخل وخارج مملكة البحرين. فمهما كتبت في رثائه فلن تصف الكلمات ما أشعر به، وتبقى الذكريات والمواقف التي جمعتنا سواء على الجانب الشخصي أو المهني شاهدة على حبه وإخلاصه لهذا الوطن وقيادته الحكيمة وأهله الكرام، وسيسجلها التاريخ في صفحاته البيضاء.
العزيز توفيق صالحي أو أبو أحمد كما كنا نناديه رحل جسده وستظل ذكراه باقية معنا، خالدة خلود أعماله الوطنية والإنسانية، التي أجد نفسي مرغما على البوح ببعضها بحكم علاقتي الوطيدة معه وقربي منه، فقد كان، رحمه الله، صاحب نفس نقية يعطف على الضعيف ويساعد الفقير ويقف على احتياجات المحتاجين، فقد كان يمثل الإنسان البحريني بكل معانيه من صدق ومحبة وطيبة. وكان لي نصيب من كرمه وأريحيته، فكنت دائما أشاوره في الأمور المهمة وكان نصوحا حكيما في رأيه وفي نصائحه، ليس معي فقط وإنما مع الجميع؛ فكسب محبتهم وقلوبهم، والكل ينظر إليه كنجم ساطع وإنسان رائع كريم كجبل من الخير والأخلاق، وعن علاقتي معه، كأخ وصديق، فكنت أرى فيه المزج بين الجد في العمل وروح الدعابة والابتسامة في المواقف الاجتماعية، فلا تمل من جلوسه وكلامه وخفة دمه.
لذا أجد حيرة كبيرة فيما أكتب عنه، هل أكتب عن الإعلامي الماهر أو الصحافي الصادق أو الرياضي الخلوق، فإن كتبت عن الإعلامي فهل أكتب عن المذيع أو المعد الإذاعي أو التلفزيوني، وعندما أكتب عن الصحافي فهل أكتب عنه ككاتب أو محرر أو مراسل أو مصور، وعندما أكتب عن الرياضي فهل أكتب عن النجم أم اللاعب أو نجاحاته الكثيرة والمتعددة والكبيرة في تنظيم الدورات الرياضية. لقد كان، رحمه الله، يجمع هذا كله، وأكثر من ذلك بكثير، فهو قامة وطنية إعلامية وصحافية وإدارية ترك مسيرة حافلة امتدت لأكثر من 30 سنة.
العزيز توفيق صالحي ماهر ودقيق في عمله، متابع لكل الأمور اللغوية والإعلامية والبروتوكولية، يواصل الليل بالنهار لتحقيق أفضل النتائج الإعلامية من أجل الوطن وبصدق وأمانة، وبقلم شريف ونزيه وبإيجابية، في جميع تغطياته الإعلامية؛ ليرفع من اسم البحرين.
ولو أردت أن أكتب عن ذكرياتي معه لاحتجت إلى صفحات، لكن أذكر أنه كان لي الشرف في أن أزوره مرتين في لندن خلال فترة علاجه الأخيرة، وعلى الرغم مما كان يعانيه من ألم، إلا أن الابتسامة لم تكن تفارق وجهه، وقال لي في آخر زيارة: بعد أن أعود إلى البحرين وأخرج من المستشفى سأكتب أكبر وأجمل عبارات التقدير والثناء لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة؛ لأنه رجل فاضل كريم أغرقني بمحبته وكرمه وتقديره، ولم يقصر معي في علاجي في أرقى مستشفى بلندن، ومتابعته المستمرة للاطمئنان على صحتي، فجزاه الله خير الجزاء.
وختاما أود أن أقول لأخي أبي أحمد، اطمئن يا أخي الكريم، فإن رسالتك وصلت لسمو الشيخ ناصر، وأنت مخلص وفي طوال عمرك.
أسال الله العلي القدير أن يرحم الفقيد بواسع رحمته وغفرانه، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه، الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.