من المعلومات التي يتم تداولها حاليًّا عبر التقارير الإخبارية والمقالات وتدور في كل مجلس أن “الحرب في غزة دمّرت الاقتصاد الفلسطيني وأفقرت جميع السكان تقريبًا”، وأن “التعليم والصحة تراجعا نحو سبعين عامًا إلى الوراء”، وأن الأمر وصل حد جزم الكثيرين بأن “طوفان الأقصى” كان تحركًا أخفق في كل شيء، وأن من مصلحة أهل غزة والضفة الغربية بعد كل الذي جرى ومن مصلحة القضية الفلسطينية الاعتراف بذلك والتوقف عن التسبب في إزهاق أرواح الفلسطينيين وتكبيدهم المزيد من الخسائر والآلام. والأمر نفسه فيما يتعلق بلبنان الذي تكبد حتى الآن الكثير من الخسائر في الاقتصاد والتعليم والصحة، والتي من الواضح أنها لم تكن في الحسبان، ومن الواضح أنها ستعيد هذا البلد عقودًا إلى الوراء وقد يصير حاله مثل حال غزة إن لم يتحوّل إلى رهينة بيد إسرائيل. واقع الحال يقول إن خسائر الفلسطينيين واللبنانيين والعرب إجمالًا كبيرة جدًّا، والعقل يقول إنه لا مفر من تجاوز العواطف والاعتراف بالأخطاء والموافقة على التفاوض الذي سيكون بالتأكيد ربح إسرائيل منه كبيرًا، وسيكون التأخر عنه زيادة في أرباحها.
هذا من الكلام الموجع ولكنه من المعبر عن الواقع الذي إن لم نتعامل معه اليوم فإن خسائرنا كعرب ومسلمين ستصير في ازدياد، فنحن لم نكن بقوة إسرائيل ولسنا اليوم كقوتها وهي تتلقى كل يوم المزيد من الدعم والمساندة المالية والعسكرية من الولايات المتحدة ومن أوروبا ومن غيرها، وكل من يقف معها ينتظرون الإعلان عن النهاية التي إن لم تكن في صالح إسرائيل وصالحهم فلن يقبلوا بها وستواصل إسرائيل تدمير غزة ولبنان وكل الدول التي للمقاومة فيها اليوم نشطاء يعتقدون أن خطوة “طوفان الأقصى” كانت هي الحل.
لا أحد يقول إن إسرائيل لم تتلق في هذه المواجهة ضربات موجعة، لكن لا أحد يستطيع أن يقول إن تلك الضربات أضعفتها وأنها تقترب من نهايتها، فهذا كلام بعيد عن الواقع والحقيقة.
كاتب بحريني