عند اشتعال الحروب في أية منطقة لا يكون أمام الدول الأخرى إلا واحدا من خيارات ثلاثة؛ الوقوف مع هذا الطرف أو الطرف الآخر أو الحياد. الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك تحكمه ظروف كثيرة وكذلك اختيار الحياد، وفي كل الأحوال فإن الذي يتحكم في الأمر هو مصالح الدولة الآنية والمستقبلية، فإن وجدت أن مصلحتها مع هذا الطرف وقفت معه وإن وجدت مصلحتها مع الطرف الآخر وقفت معه، وإن وجدت أن مصلحتها الوقوف على الحياد وكان ذلك ممكنا فعلته. مصالح الدولة وتأكدها من أنها وشعبها في الأمان والأقل تضررا العاملان الأساسان في اتخاذها الموقف من الذي يجري، فلا مكان للعواطف هنا، بل إن الدولة قد تتخذ مواقف لا تتوافق مع رغبات شعبها، ولكنها تعرف أن هذا هو الذي في مصلحتها ومصلحته ويحميها ويحميه، وهناك دائما ما تعرفه حكومات الدول ولا تعرفه الشعوب. هذا يعني أن مواقف الدول فترة الحروب لا تكون اعتباطا، إنما تتخذ بناء على حسابات كثيرة منها حرصها على عدم التورط في الحرب ودخولها فيها كطرف ومنها الحفاظ على مصالحها وتقليل تأثر شعبها بما يجري.
من الأمور التي ينبغي أن نفكر فيها جيدا ونناقشها بشفافية وهدوء أن أساس الذي يجري في المنطقة اليوم هو نتاج رؤى وفعل أحزاب وليس قرار دول، فالدولة اللبنانية مثلا لا تريد الحرب، لكن الذي فعل واختار هو “حزب الله” الذي قرر مساندة “حزب حماس” في غزة ووصل إلى حد المواجهة المباشرة مع جيش إسرائيل ولم يلتفت إلى مصالح الدولة اللبنانية ومواقف الأحزاب الأخرى في لبنان وورط الجميع، والأمر نفسه فيما يتعلق بغزة وفلسطين حيث قرار طوفان الأقصى كان قرار حماس وحدها. هناك أمر مهم أيضا وهو أنه لا يمكن لدول المنطقة مساندة ودعم أحزاب ليست مقتنعة فيها ولا معترفة بها وتعرف أنها لا تعبر إلا عن أجندتها.
* كاتب بحريني