قالها وزير المالية والاقتصاد الشيخ سلمان بن خليفة، قبل شهور، وصدق: إن قيادات دول مجلس التعاون الخليجي لديها خريطة واضحة لنشر الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات والصناعات.
وضمن هذه الرؤية الشاملة للمستقبل، أطلقت شركة أرامكو قبل أيام عبر ذراعها الاستثماري “واعد” استثمارا جريئا بقيمة 100 مليون دولار، لدعم الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي.
وهذه الخطوة الاستراتيجية ليست مجرد استثمار في التقنية، بل استثمار في المستقبل ذاته، إذ تتماشى مع أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تسعى لتنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد الأحادي على النفط، واستشراف الفرص الواعدة في الابتكار.
وتستهدف العملاقة السعودية “أرامكو” تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة عملياتها وخفض التكاليف وتحسين السلامة، بما يضمن لها التفوق وسط زخم التقدم التكنولوجي العالمي.
وسبقت “أرامكو” على هذا الدرب، شركة البحر الأحمر العالمية، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، لتحقق نجاحات مدهشة بفضل الذكاء الاصطناعي، إذ تمكنت من خفض تكاليف مشروعاتها بنسبة 25 %، عبر مراقبة الآلاف من العمال والمعدات في المواقع الإنشائية.
وقبل أسابيع، قال مركز ولسون للأبحاث، إن مملكة البحرين تتمتع بمكانة جيدة في سباق الذكاء الاصطناعي، وستحدث وقعا “للعبة” مع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمجموعة من العوامل بما في ذلك التركيز في قطاع التكنولوجيا المالية وتنمية القوى العاملة.
وكان الرئيس التنفيذي لشركة “جنرال أتلانتيك” وليام فورد، قال في تصريحات سابقة إن التقنية الحيوية والذكاء الاصطناعي بحاجة إلى رؤوس أموال بين 5 – 6 تريليونات دولار، لكن هناك حاجة إلى حلول وأفكار جديدة وخلاقة؛ لأنه لا يمكن حل المشكلات عبر ضخ الأموال فقط.
وليس من قبيل المبالغة القول إن المملكتين، البحرين والسعودية، تسابقان العملاقتين العالميتين، الصين وأميركا، اللتين تعدان في طليعة الدول المستثمرة في الأبحاث والتطوير، فيما تسعى المملكتان لتطبيق تجربة أوروبا في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي آمنة وأخلاقية.
وتطبيقا لذلك، جاءت كلمة النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين في افتتاحية الاجتماع السنوي السادس عشر للنواب العموم والمدعين العامين لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي انعقد بالدوحة أخيرا، ليلفت الأنظار إلى أهمية استخدامات الذكاء الاصطناعي.
ودعا البوعينين إلى وضع قانون استرشادي موحد للذكاء الاصطناعي في نطاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية، يتضمن القواعد الحاكمة لضبط الاستخدام من الناحية التقنية، ويشتمل في محتواه على القواعد والخصائص اللازمة لاستيعاب أعمال القضاء والنيابة العامة ضمن تطبيقاته، وليُحدد بنية النظام ووسائل حمايته وأنماط صنع القرار، وكيفية الرقابة والتقييم البشري، فضلا عن ضمانات المخاطبين بنتائجه عبر مجموعة المبادئ القيمية الضامنة للمساواة والحيادية، إلى غير ذلك من النواحي الفنية والتقنية القادرة على استخلاص تصرفات قضائية عادلة.
ويظل السؤال القديم المتجدد الذي سبق أن طرحته هنا مرارا: متى سيحقق العالم العربي نهضة علمية متكاملة تليق بواقعنا وتطلعاتنا، استرشادا بتجارب مجلس التعاون الخليجي الناجحة؟