إذا كانت المأساة صورة رئيسة من صور الفن التي تعبّر عن علاقة العالم بالذات، فهذه النظرية تنطبق على الفيلسوف الإنجليزي كولن ولسون الذي اشتهر باسم اللامنتمي.
يعجبني هذا الفيلسوف المتمرد الذي ربط الإنسان بالألم، ومهما عارضه المتزمتون إلا أنه من الفلاسفة القلائل الذين تركوا أثرًا عميقًا في عصرنا، ومازال يتزايد ويتعمق يومًا بعد يوم لكل من يفهم أدبه بنظرة خالصة من الشوائب، حتى أنّ كثيرًا من الدارسين وضعوه في السنوات القليلة الماضية مجالًا لبحثهم وما يتصل به الميدان الأصيل للفلسفة.
كان الضياع يخنق هذا الفيلسوف، يكتب القصة أم يكتب النقد؟ إلى أين يتجه ومتى يتم له النجاح، ولهذه الأسباب كان يسعى لأن يضع كتابًا باسم “اللامنتمي في الأدب” يبحث فيه الحاجة الدينية للبشر والتركيز في الخيال والفهم وتكوين رؤية واسعة للسير نحو إدراك الوجودية من التعثر والسقوط، واهتدى بأن يبحث في حياة فان جوغ، ولورنس، وجورج فوكس، وديستوفيسكي، وهاملت وفاوست، ثم عن الوجوديين أمثال هيدجر، وجاسبرز، وكيركغارد وسارتر.
وكل هذه المحاولات كانت عن البحث عن معنى الحياة الإنسانية، وتم له بعد ذلك أن يؤلف كتاب “فاصل الألم” الذي سُمّي بعد ذلك “اللامنتمي”، والذي حفظناه عن ظهر قلب منذ سنوات، وجاء هذا الكتاب على حد تعبيره بسبب انحراف الوجودية عن طريقها الحقيقي، فللوجودية طريقان، الوجودية الملحدة والوجودية المؤمنة، ولا نعلم مع أي الفريقين يقف ويلسون لأنه مثل الهرم المقلوب.
كولن وسلون مقتنع تمامًا بأن العالم أقسى من أن يطاق، فنحن البشر نسير دونما ضبط أو توجيه.
* كاتب بحريني