بت على قناعة تامة بعدم إيمان القطاع الخاص بقضايا الثقافة والفنون، باستثناء جهة أو جهتين، فالمعادلة تقتضي، في أي بلد، أن يساهم القطاع الخاص في مجالات الثقافة والإبداع، وأن يرفع جزءا من هذا العبء عن الدولة، وأن يكون شريكا معها في رفد هذه المجالات الحيوية التي تعد من ركائز تقدم المجتمع، فالثقافة كما يصفونها وجه الأمم، لكن مع الأسف مازال القطاع الخاص في مملكة البحرين بعيدا تماما عن دعم الأنشطة الثقافية والفكرية، وكلما وصلت رسالة من أية جهة فنية أهلية تطلب دعما لإنتاج عمل أو طباعة كتاب، الجواب معروف، فهم أساتذة بالتفوق.. ميزانيتنا لا تسمح.
والكارثة التي تنطلق كالوحش الضاري الجائع بسرعة صاعقة، وتنتزع أرواح الكتاب والمبدعين، هي الإهمال المقصود والآيديولوجيا المعادية التي يتصف بها القطاع الخاص تجاه الأديب والكاتب والفنان، نعم هم يعاملونه كالمشتبه به أو الجحر الذي لا ينبغي للمؤمن أن يلدغ منه مرتين، وكم من كاتب وأديب ماتت أحلامه الجميلة وخسرها، وأصبحت مسألة طباعة كتابه مثل السدرة البعيدة صعبة المنال، وفي نهاية المطاف يقترح عليه أصدقاؤه الاستسلام ونشر كتابه إلكترونيا، وعدم التفكير مرة ثانية في مخاطبة القطاع الخاص بتشجيعه ودعمه؛ لأنهم من الأساس لا يؤمنون به ولا بالكلمة والواقع الثقافي، ونقولها بالتحليل الأوسع مع كثرة الاستشهادات، الحياة الأدبية أو الفكرية أو العلمية ليست مهمة بقدر حياة المادة والرصيد في البنوك.
في البدء قلت لنفسي.. هذا غريب، لكن بعدها جربت الدخول إلى الصالة المعتمة كالبقية، والتقطت الورقة الممزقة وعرفت معنى وطعم الكابوس الذي يطارد مخيلة الكاتب والأديب، والجسور الخارجة عن المألوف والعقل.