مشكلة العشوائية والمخالفات والفوضى في شارع جدعلي التي تحدثنا عنها في هذه الزاوية الأسبوع الماضي، تحتاج على ما يبدو إلى مائدة مستديرة؛ لأن هناك مشكلات عديدة مشابهة في عدد من المحافظات، الأمر الذي يحتم على الجهات المسؤولة مواجهة هذه المشكلات والأسئلة المحيرة برؤية وطريقة خاصة، فثمة شيء واحد على الأقل مشترك بين المحافظات ألا وهو الفوضى في بعض الشوارع والمناطق الصناعية.
أحد الأصدقاء بعث إلي مجموعة من الصور وكتب تعليقا “هذه عراد التي يفترض أن تكون صناعية، لكن للأسف صارت عشوائية.. نحن نعيش في هذه المنطقة ولا حياة لمن تنادي”، من يشاهد الصور في عراد الصناعية سيفهم جوهر الفوضى والعشوائية التي تتحكم في مصير العديد من المواطنين القاطنين في المنطقة، وكأن هناك فراغا في مجال التوجيه البلدي، وغيابا تاما للمحاسبة والتفتيش والتنظيم بكل مقاييسه، فلا قانون للمرور والسير المنظم هناك، وليس أمام المواطن الذي يمر في المنطقة إلا أن يأخذ المسائل بهدوء تام، وإلا سيتعرض للضغط الذي لا مثيل له في التاريخ البشري. والطرقات الفرعية المحيطة بالمنطقة أشبه بالأنفاق أو القواقع، وأغرب لوحة ستشاهدها وتذكرنا بحدائق فان جوخ هي كمية هائلة من الألوان.. - عفوا – أقصد المخلفات الصناعية للزيوت والمنظفات ونفايات الكراجات، وتدخل ضمنها مواد سامة سريعة الاشتعال، وسبق وأن تعرضت المنطقة لحوادث وحرائق تدخل على إثرها الدفاع المدني.
المسألة تستدعي فحصا شاملا للمنطقة، وهي ليست المرة الأولى التي تنقل الصحافة فيها هذه الشكوى من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم أمام حياة يومية صعبة ومزعجة، وصبرهم يذوب ويذبل ويتلاشى. وصدق توماس جيفرسون حينما قال “من دون الرؤية السليمة يتلاشى البشر”.