لا دولة في المنطقة يعلو كعبها في التعليم مثل البحرين
لم تدخر مملكة البحرين جهدا للاستثمار في قطاع التعليم لمواكبة التوجهات العالمية، إذ وفرت جميع الموارد والوسائل اللازمة لوضع البنية التحتية الحديثة التي تدعم مواكبة التقدم التكنولوجي، والارتقاء بالمناهج الدراسية، وتعزيز أساليب التدريس وممارسات التعلم، وهذا ما أكده عدد من المعلمين في حديثهم لـ “البلاد” تزامنا مع اليوم العالمي للمعلمين.
وتعد البحرين من الدول الرائدة في مجال التعليم في المنطقة منذ العام 1919 مع إطلاق أول تعليم نظامي، وتمتاز بنظام تعليمي قوي وشامل ومعترف به دوليا، وتقدم تعليما مجانيا وعالي الجودة في جميع المدارس الحكومية لجميع البحرينيين والمقيمين من غير البحرينيين، ويشمل ذلك دمج الطلاب من ذوي الإعاقة في مدارس مجهزة بالكامل لضمان حصول الجميع على التعليم الجيد تماشيا مع الخطة الاستراتيجية للتعليم 2023 - 2026 الصادرة عن وزارة التربية والتعليم.
تطوير قدرات المعلمين
بذلت البحرين جهودا كبيرة في الرقي بالعملية التعليمية في مملكة البحرين تنفيذا للهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، فانعكس ذلك على مهارات وقدرات المعلمين، وأهم هذه المهارات هي المهارات التقنية وتوظيف الذكاء الاصطناعي مع الطلبة، هكذا استهل عيسى حسين، وهو معلم نظام فصل، حديثه مضيفا “إننا المعلمين، أصبحنا نشعر بأننا جزء من تشكيل مستقبل التعليم في المملكة ومشاركون في القرارات التعليمية”.
وأكد أن برامج التنمية المهنية المستدامة التي توفرها الوزارة ساهمت في تطوير قدرات المعلمين وتمكينهم من توظيف أحدث الاستراتيجيات المبتكرة في التعليم، التي أثمرت تمكنهم من تقديم دروس تعليمية تفاعلية، ورفع الإنجاز الأكاديمي للطلبة ورفع مستوى التقدير للمعلم في المجتمع وتعزيز مكانته وتحفيزه على الاستمرار في البذل والعطاء؛ من أجل أبنائنا الطلبة.
ولا شك أن تطور التعليم انعكس على الطلاب كذلك، إذ ذكر حسين أن الأثر المنعكس على الطلبة واضح في تمكنهم من مهارات القرن الـ 21، مثل التفكير الناقد، وحل المشكلات، والمعرفة الرقمية، والوعي العالمي والثقافي، فضلا عن أن الطالب أصبح محور العملية التعليمية و له دور محوري بالمجتمع “الشراكة المجتمعية”، فنرى هذه الممارسات ساهمت في نمو التطور الشخصي والمسؤولية الاجتماعية للطلبة وأصبحوا جزءا من العالم.
التصورات المستقبلية
ماذا تقول أمينة خالد وهي معلمة لغة إنجليزية؟ ترى أمينة أن استدامة التعليم ركيزة نحو تطوير النظام التعليمي ليواكب رؤية مملكتنا الغالية، ومن أبرز التجارب التي اكتسبتها هي المشاركة في وضع تصورات مستقبلية تسهم في المنظومة التعليمية وتعليم الطلبة، والمبادرة والسعي المستمر هما الدافع لتحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030.
وأوضحت أن الوزارة عبر الجهود التي بذلتها في الأعوام الماضية قدمت نموذجا متكاملا لتحول التعليم التقليدي إلى تعليم رقمي، دامجا مهارات القرن الـ 21 مع الامتثال بالقيم الجوهرية والتميز والعدالة والانتماء والعمل بروح “فريق البحرين”، مؤكدة أن هذا التقدم وفر تعليما يتميز بتسخير طاقات وإمكانات الطلبة ليكونوا روادا على المستوى المحلي والعالمي، ما يعكس أهمية استدامة التعليم للارتقاء بالعمل التربوي في المملكة.
مستجدات العصر
واتفقت زينب سعيد، وهي معلمة لغة عربية، مع المعلمة أمينة، مضيفة أن الوزارة دأبت جاهدة على الارتقاء بالواقع المهني لدى المعلمين، ما انعكس إيجابا على تطوير المنظومة التربوية وتجويد الخدمات التعليمية بما يتواءم مع مستجدات العصر الحديث، ضمن خطط استراتيجية منبثقة من التطلعات الوطنية الرامية للاستثمار في رأس المال البشري وتوظيف الطاقات البشرية والإمكانات في تحقيق رؤى التطوير والنماء والاستدامة.
وأوضحت أن ذلك يتضح جليا عبر إطلاق الوزارة حزمة من الورشات والدورات التدريبية للمعلمين حضوريا وعن طريق برامج الاتصال المرئي محليا وإقليميا، ما يسهم في تطوير المهارات القيادية والمهنية لدى المعلمين على الأصعدة كافة، إضافة إلى الدور الوطني البارز الذي تضطلع به الوزارة متمثلة في وزير التربية والتعليم د. محمد جمعة وأصحاب الشأن المعنيين بالوزارة.
التجارب الدولية
وتابعت بأن الوزارة تتكفل بتيسير كل السبل والإمكانات التي تتيح للمعلمين والمنتسبين لها فرصة الاطلاع على التجارب الدولية الناجحة في مجال التعليم، والاستفادة من الأساليب والطرائق التعليمية الموظفة في أرقى بيوت الخبرة العالمية، وأستذكر في هذا المقام تنسيبي للبرنامج التدريبي الذي أطلقته جائزة محمد بن زايد لأفضل معلم بشراكة وثيقة مع جامعة هيلسنكي بجمهورية فنلندا، الأمر الذي أطر الصورة المثلى الموازية لتطوير وسائل التعليم وفق مفاهيم الابتكار والإبداع والريادة، إضافة إلى تنسيبي إلى البرنامج التدريبي الذي أطلقته الجائزة بالتعاون مع جامعة طوكيو في اليابان، والتي أتاحت لي فرصة الاطلاع على أفضل الممارسات التربوية والتعليمية في أرقى بيوت الخبرة العالمية، كما تبلورت لدي طرائق وأساليب توظيف الذكاء الاصطناعي والميتافيرس واستثمار التقنية الحديثة في التعليم، وتوظيف طاقات ومواهب الطلبة في تعزيز الأنشطة الصفية واللاصفية؛ ليكونوا صفا رئيسا يعين المعلمين على تطوير المجتمع المدرسي والارتقاء به؛ لتكون التجربة منضوية تحت قائمة من الأهداف التربوية والتعليمية المحددة والواضحة والقابلة للقياس، ينبثق منها مجموعة من الأنشطة والبرامج الطلابية بعد تطويع التجارب العالمية بما يتناسب والطابع المحلي والهوية الوطنية، بمباركة ومتابعة حثيثة من الوزارة.
وثمنت حرص الوزارة على تعزيز ثقافة التعلم المستمر بين المعلمين، حيث تشجع المعلمين على متابعة أحدث الاتجاهات والأساليب التعليمية وتطويعها في البيئة المدرسية للدراسة وقياس الأثر قبل الاعتماد الفعلي القابل للتطوير وفق المرئيات الأولى وقت التطبيق التجريبي.
تبادل المعرفة
توظيف التكنولوجيا يأتي بشكل فعال في المدارس أثناء العملية التعليمية، ويأتي مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل في طليعة مشاريع توظيف التكنولوجيا في التعليم؛ بهدف تحسين الواقع التعليمي وتوسيع نطاق وصول المعلمين والطلبة إلى المعلومات المطلوبة لتدعيم المناهج الدراسية، التي أعيد تصميم بعضها، وحُدث البعض الآخر لتكون أكثر توافقا مع احتياجات القرن الـ 21، بما في ذلك مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات وغرس قيم الولاء والانتماء والمواطنة الصالحة.
وأوضحت أن الوزارة تشجع على تعزيز التعاون وعمل المعلمين معا ومشاركة المعرفة والخبرات، ما يسهم في بناء مجتمع تعليمي قوي ومتماسك يرتكز على توظيف التقنية الحديثة وفضاء المعرفة في دعم العملية التعليمية، كما وحددت معايير واضحة لتقييم المستند إلى الأداء، ما انعكس على تطوير أنظمة تقييم تعتمد على الأداء والابتكار ولا تنحى في غالبيتها ناحية الطرق التقليدية.