الفنان والكاتب المسرحي يوسف الحمدان الذي حظي بتكريم مستحق في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الحادية والثلاثين، يعد من بين المثقفين البحرينيين البارزين المساهمين في الحراك الثقافي البحريني، أظهر منذ بداياته الأولى الاهتمام بالمسرح التجريبي، كتابة ونقدا، وله إسهامات لافتة في ذلك. تمكن مع الفنان الراحل عبدالله السعداوي ونخبة من المسرحيين الشباب من جعل المسرح التجريبي عنوانا فنيا وجماليا مهما وموقفا فكريا.
كان الحمدان يعمل ويفكر ويبحث ضمن الرؤية الطليعية لمواجهة أزمات الثقافة البورجوازية وتحولاتها وعلاقاتنا بها، طارحا مفهوما مخصوصا للتلقي في الفنون المسرحية، فهو مع تقديم عروض تجريبية بهدف فكري ومختبري، إلا أنه لا يتجاهل الجمهور، ولا يعطي للمسرح ظهره، فالفنان في نظره يذهب إلى المسرح ليبحث عن حريته، وليحصل على معنى الوجود. وبهذا المعنى، فإن كل المسرحيين في نظره مجربون، ولذلك نجده مهتما بالنماذج الجمالية المسرحية وجدلها مع الأنساق الثقافية القائمة، ورفض محو الفواصل بين الهويات المسرحية، وبالتالي رفض التبعية الفكرية والفنية للنظرية النقدية الغربية، وهو مع البحث الدائم عن بناء النظرية العربية الخاصة، دون أن يعني ذلك الوقوع في قوالب المحافظة الصلبة. ينظر إلى التجريب كعنصر مقاومة لتسلط النماذج الفكرية والثقافية التي تتوارى خلف الجماليات، فالمسرح التجريبي عنده سعيٌ لإيجاد عناصر مغايرة، ولغة مختلفة مرتبطة وملامسة للبيئة، وبالرغم من انغماسه في الكتابة عن المسرح التجريبي تأليفا ونقدا في معظم نتاجاته، فإن موضوع التلقي حظي عنده باهتمام كبير على الصعيدين العملي والنظري. فهو يرى أن الفن المسرحي شديد التركيب والتعقيد، فهو ليس فناً جماهيرياً بالمعنى المباشر للتلقي، فكرة القدم لها جمهور كبير والتلفزيون كذلك، إلا أن المسرح يبحث في ذاته، يعمل على الوعي وعلى النوع، على المركب، لإيصال الفكرة، ولذلك كان الحمدان يردد دوما “نحن لا نخضع لرغبات الجمهور بالضرورة”، ولكن هذا لا يجب أن يعفينا من دراسة بيئة التلقي والمتلقي، وإيجاد الصيغة المثلى للتواصل معه، من خلال إعادة صياغة التجربة المسرحية في هذا العالم المتغير. بالرغم من أن التجريب لا يجد إلى حد اليوم البيئة الثقافية والفكرية التي يمكن من خلالها أن يتواصل مع الناس بسهولة.
* كاتب وإعلامي بحريني