هذه هي الحقيقة التي ينبغي إدراكها والبناء عليها، فالذين يقولون إن القضاء على هذه المنظمة أمر ممكن رغم بقائها في الأنفاق، وإنه إن لم يكن اليوم فغدا، حالمون، والذين يقولون إن هذه المنظمة ستنتصر في النهاية أو إنها يمكن أن تنتصر حالمون أيضا. الحقيقة الأخرى هي أن دول المنطقة إجمالا والكثير من دول العالم لن تقبل بانتصار منظمة على دولة، وإن كانت إسرائيل، لأن في هذا مثال يجعلها كلها معرضة للخطر، ومثال على أن بإمكان المنظمات الأخرى – أيا كانت قدراتها – أن تنتصر ذات يوم وتتسلم السلطة في بلادها. وهذه الحقيقة وتلك تقودان إلى القول إنه لا نهاية للحرب الدائرة منذ أكثر من عشرة أشهر في غزة وإنها لا تنتهي حتى باتساع رقعتها وتورط دول المنطقة كلها فيها، وهذا مؤلم، والأكثر إيلاما هو أن التوصل إلى حل تقبل به كل الأطراف ذات العلاقة أمر لم يعد ممكنا بعدما ضاق الهامش الذي يمكن للدبلوماسية أن تتحرك فيه.
الإقرار بهاتين الحقيقتين يقود إلى القول إن إسرائيل لا يمكنها مهما قست وبالغت في تعاملها مع أهل غزة والفلسطينيين إجمالا أن تصفي حماس وتمحيها من الوجود كما يردد نتنياهو في كل حين، ويقود أيضا إلى القول إن حماس لا يمكنها أن تنتصر على إسرائيل مهما فعلت وفعل من يقف إلى جانبها، لأن إسرائيل قوية ولأن الذين يقفون إلى جانبها أقوياء أيضا ولهم معها مصالح لن يقبلوا بالتفريط فيها. واقع الحال يؤكد أن هذه المنطقة ستظل على صفيح ساخن، وأنها لن تهدأ ولن تستقر بل على العكس ستزداد الأمور سوءا وستتعقد وستطال الخسارة الجميع إلا إن تدخل الحكماء وهو ما يبدو أنه غير ممكن لأنه لا فرصة لهم بسبب الذي يجري ويتطور سريعا، فلا مكان للعقل في المساحة التي يشغلها ويقودها الغضب، وهذه حقيقة ثالثة لا يمكن غض الطرف عنها وتجاوزها.
* كاتب بحريني