العدد 5775
الثلاثاء 06 أغسطس 2024
banner
البعيدون ليس لهم حق “التطلب”
الثلاثاء 06 أغسطس 2024

لا فرق بين الذي يوافق على دفع أي مبلغ للآخر طالما أنه لن يُخرج من جيبه فلسا واحدا، وبين ذاك الذي يرفض التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وهو بعيد عنها، فكلاهما غير خاسر؛ الأول كريم من مال غيره، والثاني يبات أبناؤه في حضنه وادعين ولا يصيبهم ما يصيب أهل غزة في الليل أو النهار.

كل الذين يحللون ويبدون وجهات النظر في ما يجري في غزة وهم يقيمون خارجها يفعلون ذلك وأيديهم في الماء البارد، ولهذا فإنهم لا يترددون عن القول إنهم لا يقبلون وقف إطلاق النار إلا إن تحققت هذه الشروط أو تلك، ويطلبون من أهل غزة الصمود ويطالبونهم بذلك.

إن أخبارا تتتالى يوميا وعلى مدار الساعة عبر الفضائيات عن سقوط قتلى وجرحى بأعداد مهولة في غزة ورفح جراء قصف وحشي إسرائيلي يتعامل معها كل الذين هم خارجهما على أنها أرقام، فهي لم تأخذ منهم عزيزا ولم يدفعوا مقابلها غير كلام يعبر عن حزنهم وغضبهم وتعاطفهم مع الفلسطينيين، وليس في هذا عدل يجعلهم يقولون بكل ثقة إنهم لا يوافقون على هذا الاتفاق أو ذاك إلا إن تحقق هذا المطلب أو ذاك.

هذه الحال اتسعت مساحتها لتشمل الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية في طهران ورد “حزب الله” على اغتيال فؤاد شكر الرجل الثاني في التنظيم، فما ظل يردده أولئك منذ حصول عمليتي الاغتيال وارتفاع وتيرة التهديدات هو الدعوة إلى ترجمتها على أرض الواقع من دون إعطاء ما قد يترتب على ذلك من آثار على أهل غزة وفلسطين ولبنان وإيران واليمن أي اعتبار، حيث المهم لديهم هو الظفر بلحظة فرح وشعور بالانتصار.

البعيدون عن مكان الأحداث لا قيمة لرأيهم وموقفهم، ولا يحق لهم أن يفرضوا ما يتمنون. هذا ما يقوله العدل والمنطق، فهم ليسوا من بين المتضررين ولا سيعانون ما قد يعاني منه الناس هناك.

* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية