العدد 5754
الثلاثاء 16 يوليو 2024
الأكثر إيلاما هو التبين بعد الفوات
الثلاثاء 16 يوليو 2024

الأقوال التي تنسب هذه الأيام بوفرة إلى بعض السياسيين والمحللين ومثالها قول أحدهم “إن ما حصل في فلسطین وانطلق مع طـوفان الأقصى سيؤدي حتماً إلى انتصار الشعب الفلسطيني”، أقوال جميلة ومريحة للنفس لكنها لا تعبر عن الواقع لأن الواقع ببساطة غير، وغير هنا تعني أنه حتى مع دعم “محور المقاومة” ودعم كل المتعاطفين مع أهل غزة والقضية الفلسطينية لا يمكن لهذا الأمر أن يتحقق الآن على الأقل، حيث المقارنة بين قوة الفريقين المتحاربين ليست في صالح الفريق الذي يتحدث عنه أولئك ويمتدحونه رغم توفر الفارق في قوته عما سبق.
القول إن التدمير الذي شهدته غزة في الشهور التسعة الماضية ولا تزال تشهده هو شكل من أشكال الانتصار بل هو الانتصار الحقيقي “لأن حماس لا تزال صامدة وتحقق الإصابات في الجيش الإسرائيلي الذي ينهار”، وربط ذلك بالكرامة، قول جميل أيضا لكنه لا يعبر كذلك عن الواقع بدقة.
هذا كلام مؤلم لكنه حقيقة، ولا يمكن للتصريحات العاطفية أن تغير منها، وواقع الحال ان استمرار ما فيه غزة يهدد بفنائها وربما بترحيل شعبها وانتهاء القضية. يكفي القول إن الأطراف ذات العلاقة بالفريق الآخر لا تكتفي بالفرجة ولا تجلس في مدرجات الجمهور، إنما تعمل في الخفاء وتخطط لفرض ما ترى أنه يجب أن يحويه اليوم التالي لتوقف المواجهات، فدخولها في هذه الحرب ليس لتشهد يوم انتصار الشعب الفلسطيني الذي نتمناه وننتظره بفارغ الصبر ولكن لتعيش الانتصار كما تراه هي وكما تريده، وهذا كلام مؤلم أيضا ولكنه حقيقة لا يمكن تجاوزها بالتصريحات والمواقف العاطفية ولا بالقوة التي هي في كل الأحوال أقل من قوة الطرف الآخر المدعوم من أميركا التي استأنفت إرسال القنابل ومختلف أنواع الأسلحة إلى إسرائيل، فهي تؤمن أن من حق إسرائيل القضاء على حماس ومن معها. هذا واقع مؤلم ولا شك، ولكن الأكثر إيلاما هو تبينه وفهمه بعد فوات الأوان.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية