من الأمور اللافتة في هذه الفترة أن بعض المحللين يعمدون إلى اتخاذ قول منسوب إلى طيار أو جندي أو صحافي أو كاتب أو سياسي إسرائيلي عن صعوبات يعاني منها الجيش الإسرائيلي أو خسائر تعرض لها في غزة أساسا للجزم بأن إسرائيل مهزومة، وأنها بناء على ذلك لا يمكن أن تغامر باتخاذ قرار في الدخول في حرب مع “حزب الله” ولبنان، خصوصا أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تشعل المنطقة بأكملها وتدخل الجميع في ساحة حرب ليس لها نهاية وبها يتغير وجه المنطقة وكل المعادلات فيها وأولها نهاية دولة إسرائيل. ذلك البعض ينسى أن إسرائيل ليست وحدها وأن وراءها تصطف دول عديدة لا تتأخر عن دعمها ونصرتها، وجهات عديدة لها مصالح وتؤمن بأن الفلسطينيين هم أساس عدم الاستقرار في المنطقة وليس إسرائيل.
الترويج لفكرة أن إسرائيل تعاني وأنها على وشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة والقول بأن ما قاله هذا أو ذاك من مواطنيها دليل على صحة هذا الأمر، أو القول بأن خلافات صارت تظهر على السطح بين السياسيين الإسرائيليين أو القول بأن أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى حماس يقفون ضد إسرائيل ليس في صالح العرب والقضية الفلسطينية، ذلك أنه بالإضافة إلى أن دولا مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها كثير لن تقبل بهزيمة إسرائيل - وهو المشروع الذي استفادت وتستفيد منه كثيرا – فإن السير في هكذا تفكير من شأنه أن يوفر معلومات خاطئة تفضي إلى اتخاذ قرارات خاطئة نهايتها هزيمة عربية جديدة وهزيمة كل متعاطف مع القضية الفلسطينية لأن الواقع مختلف تماما عن هذا الذي يتم الترويج له.
لا بأس من نثر الآمال وتوفير الإحساس بين العامة بأن المواجهة مع إسرائيل هذه المرة لن تكون نهايتها كما في المرات السابقة، ولا بأس من التشجيع ونشر الروح النضالية والثورية، لكن ينبغي أن يتم هذا من دون مبالغة ومن غير إدخال معلومات واستنتاجات غير واقعية في النفوس والعقول.
* كاتب بحريني