العدد 5757
الجمعة 19 يوليو 2024
banner
هل تتدحرج كرة النار من غزة إلى لبنان؟
الجمعة 19 يوليو 2024

تدل كل المؤشرات والدلائل على أن إسرائيل عازمة على القيام بحرب شاملة على لبنان بعد غزة، ولو رجعنا إلى تصريحات نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023 لوجدنا من ضمن تصريحاته أنه قال بما معناه ان خريطة المنطقة بحاجة إلى إعادة نظر، بما يخدم أمن إسرائيل، وذلك يعني ضمنيا أن إسرائيل بعد الانتهاء من حربها في غزة فإن المرحلة الثانية من الأرجح أن تقوم بمد الحرب إلى جنوب لبنان لما يمثله حزب الله من خطر على المستوطنات الشمالية لإسرائيل، وهذا ما يفسر لنا الضربات الجوية التي تقوم بها إسرائيل بين حين وآخر على جنوب لبنان، ويفسر لنا كذلك الاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل وطالت عددا من قيادات حركة حماس وحزب الله في الجنوب اللبناني. وذلك يعني اتساع رقعة الصراع، ويقول كثير من المحللين السياسيين إن "الحرب التي بدأت عند الحدود الجنوبية للبنان أصبحت على مستوى كل الجنوب وصولا لصيدا، وشرقا للبقاع الغربي وبعلبك"، وما يزيد من الاحتمالات بأن إسرائيل ستواصل حربها إلى الجنوب اللبناني هو أن حركة حماس اتخذت مقرا مؤقتا لقيادتها في الجنوب اللبناني.
بالمقابل من مصلحة حزب الله وحماس أن يبقى الوضع العسكري والسياسي سواء كان في غزة أو الجنوب اللبناني في حالة تأزم بتوجيهات من الداعم لهما وهو النظام الإيراني، وعندما يؤدي ذلك إلى قيام حرب إقليمية لن تكون في مصلحة دول المنطقة كلها، ولن تؤدي إلى إيجاد الحل الأمثل للقضية الفلسطينية وهو حل الدولتين الذي يجد له صدى إيجابيا من كثير من دول المنطقة ودول العالم، لذا فإن المخرج الوحيد لمنع امتداد الحرب إلى لبنان وقيام حرب إقليمية هو ما يتوقع أن تنتج عنه الضغوطات العربية والإقليمية على قيادة حركة حماس في الخارج من ضرورة قبول الهدنة المؤقتة وتبادل الإفراج عن المحتجزين.
خصوصا بإشراف من الدول العربية الراعية للمفاوضات بين حماس وإسرائيل، مصر وقطر، وكذلك العرائض التي تقدمت بها قيادات حماس في الداخل، وما يحدث لسكان غزة من حرب إبادة، كل هذه الضغوطات التي تزيد يوميا على قيادات حماس في الخارج من أجل القبول بمبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن التي تم تقديمها قبل أسابيع إلى مجلس الأمن وجرى تعديل بعض بنودها في الأيام الماضية، والمتعلقة بوقف القتال في القطاع على عدة مراحل، ورغم أن الحركة أعلنت موقفها الرسمي بعدم التعامل مع مبادرة بايدن كونها لا تُلبي وقفا شاملا للحرب والقتال بغزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من القطاع، إلا أن الضغوط العربية لم تتوقف بل تصاعدت الفترة الأخيرة بعد الحديث عن "تعديلات" جرت على المبادرة.
وفي الساعات الماضية انهالت على رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، العديد من الاتصالات من قبل مسؤولين أمنيين وسياسيين في دول عربية وإسلامية، من أجل تحريك مياه مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة المتوقفة منذ فترة، وإعادة مناقشة المبادرة الأميركية، ووفقا لمسؤولين فإن مبادرة بايدن بالنسبة للعديد من الدول العربية وعلى رأسها الوسيطين المصري والقطري، تعد "الأنسب" في هذه الفترة لمعالجة قضية حرب غزة بعد موافقة مجلس الأمن عليها، لكن "حماس" وإسرائيل لم توافقا على إيقاف الحرب وتشكيل حكومة مدنية لغزة تتبع منظمة التحرير الفلسطينية، وبعدها تبدأ مرحلة ثانية تهيئ المناخ السياسي لقيام حل الدولتين الذي يتم فرضه على إسرائيل، والذي بدأت الشروع فيه بعض الدول حتى الأوروبية مثل النرويج وإسبانيا التي اعترفت بالدولة الفلسطينية وغيرها من دول الناتو، وبالتالي أصبحت الطرق ممهدة للحل الشامل للقضية الفلسطينية.
بدون حل الدولتين الذي تكاد تجمع عليه كل دول العالم فإن كل الاحتمالات تظل واردة بما فيها حرب عالمية ثالثة تكون حرب غزة الحالية بمثابة عود الثقاب الذي يشعل هذه الحرب.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .