العدد 5756
الخميس 18 يوليو 2024
ربط الحرية بالتاريخ (2).. الديمقراطية نباتٌ يُزرع وليست مطرًا ينزلُ من السّماء!
الخميس 18 يوليو 2024

وردني من صديق كاتب متميز تعقيب على الجزء الأول من هذه المقالة، وكنت أعتزم نشر الجزء الثاني من هذا الموضوع في هذه المساحة، إلا أن أهمية هذا التعقيب دفعتني إلى تقديمه مكانة ونشرا عن الجزء الثاني، وفيما يلي ملخص هذا التعقيب.
يقول الصديق: "قرأت المقالة وأثارت فيَّ شجوناً، وقد سبق لنا معا مناقشة هذا الموضوع على صفحات الجرائد أكثر من مرة، وها نحن نعود إليه مجددا في كل مرة وكأننا نعود إلى درجة الصفر، فكأننا مجتمعات لا تتطور. ومع ذلك أتفق معك تماما بأن الحرية والعقلانية شرطان أساسيان للديمقراطية. كما أتفق معك تماما، بأن الأولى ليست كافية لوحدها. وطالما أن الموضوع يتعلق بالنخب العربية، فدعني أؤكد لك من دون تردد أن معظم هذه النخب كانت ولا تزال هشة مترددة وغير مستقلة ومتناقضة، لذلك فهي تتحالف مع أية قوى (سواء كانت تلك القوى حكومات أو أحزابا أو جماعات سياسية أو دينية أو طائفية..) حتى لو كانت في نظرها ظلامية أو رجعية ومتخلفة ولسنا بحاجة إلى تقديم الأمثلة لأنها عديدة تفوق العد والحصر.. لذلك أعتقد أن الديمقراطية "نبات" وليست "مطرا"؛ بمعنى أنها تنمو في تربية الأرض رويدا رويدا، ولا تهبط من السماء، وهي لا تؤدي الغرض منها الا إذا استكملت نموها. وإن هي هبطت من السماء بين عشية وضحاها كما حدث في بعض البلاد لا تأتي إلا بما هو سيء ومضر. بل قد تأتي بما يدمر الأوطان، ودونك نتائج "الربيع العربي" الذي دمر دولا قائمة وأعادها إلى الوراء عقودا، بل دونك النازية والفاشية اللتان وصلتا للسلطة بالوسائل الديمقراطية أيضا؟! لذلك لا أزال أرى ضرورة التدرج في الأخذ بالديمقراطية، بدءا من الثقافة المجتمعية وبالتربية الديمقراطية والسلوك الديمقراطي في حياتنا اليومية. صحيح أن الديمقراطية أفضل ما توصل إليه العقل البشري في إدارة الدول والمجتمعات، لكن لابد من تكييفها بما يتواءم مع مختلف المجتمعات، طالما أن الهدف واحد فالأشكال والمدى متروكان لكل مجتمع حتى لا تتحول إلى وبال من الفوضى". وللحديث صلة.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .