العدد 5746
الإثنين 08 يوليو 2024
banner
صراع السرديات (3).. مبادرات السلام المسلّح!
الإثنين 08 يوليو 2024

من صلب مأساة الحرب الروسية - الأوكرانية التي فرقت بين شعبين شقيقين وجارين بتحريض خارجي، تم الإعلان عن العديد من المبادرات السلمية لحل هذا النزاع، كان آخرها “مبادرة الرئيس الأوكراني”، والتي انعقدت مؤخرا في سويسرا، وكانت من دون جدوى، لأنها من دون حضور الطرف الثاني وهو روسيا.. لذلك اعتبرت مجرد تظاهرة سياسية إعلامية لمزيد من القرارات لعزل روسيا. في المقابل أعلن الرئيس الروسي عن مبادرة جديدة للسلام، تضمنت شروطا لإنهاء الحرب ملخصها أن تكون أوكرانيا محايدة ولا تنضم إلى الناتو، وأن تكون خالية من الأسلحة النووية، وأن تقبل بالأمر الواقع الجديد على الأرض. وبطبيعة الحال رفضت هذه المبادرة من أوكرانيا ومن دول الناتو. لأنها اعتبرت أقرب إلى مبادرة للاستسلام، لذلك تستمر الحرب لتحصد المزيد من الضحايا من الطرفين.
لقد اتخذ هذا النزاع شكل صراع الإرادات، أي تقابل إرادة الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، وبالتالي إضعافها تمهيدا لتقسيمها، استنادا إلى الاعتقاد بحتمية المواجهة معها اليوم أو غدا، وأنه من الأفضل خوض هذه الحرب اليوم في أوكرانيا، بدلا من خوضها مستقبلا في شرق أو وسط أوروبا، وبين اعتقاد روسي راسخ بأن المواجهة مع الناتو على أرض أوكرانيا اليوم أفضل من أن تصبح أوكرانيا جزءا من الناتو وتصبح مواجهتها أصعب.. والحقيقة التي يجمع عليها عقلاء العالم أنه لا يمكن إنقاذ أوكرانيا إلا عبر المفاوضات. وقد فعلت أوكرانيا ذلك في البداية قبل أن تتوسع الحرب، وقبلت مبدئيا بوثيقة تركيا للسلام في مارس 2022م قبل الانقلاب عليها، بضغط من الناتو. وعلى الرغم من تعدد الجولات التفاوضية والمحاولات الدولية المتعددة على مدار أكثر من عامين من أجل إنهاء هذا النزاع الدامي، فإن تلك المحاولات لم تؤد إلى نتيجة تذكر، حيث بقيت شروط ومطالبات كل طرف على حالها، إلى أن أصبحت آفاق السلام شبه مغلقة، إلى أن تلحق الهزيمة الكاملة بأحد الطرفين. لذلك يبدو النزاع مرشحا ليستمر لسنوات أخرى قادمة على الأرجح، إلا إذا استجد أمر جلل يعيد خلط الأوراق وتوزيعها. للحديث صلة. 
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية