العدد 5749
الخميس 11 يوليو 2024
صراع السرديات (4).. أحلاف السلام بدلا من أحلاف الحروب!
الخميس 11 يوليو 2024

في الخلاصة نتوقف عند أكذب سرديتين في الترويج للحرب بين الأشقاء في روسيا وأوكرانيا، وذلك لأن الأكاذيب المزروعة في الطريق لا يمكن أن تستمر.
الأولى: سردية القتال من أجل الديمقراطية: وهي مجرد هراء، لأن الديمقراطية تكاد تكون معطلة عندما يتعلق الأمر بالحرب والسلام، فهناك مئات المظاهرات وملايين المتظاهرين الذين يعلنون رفضهم الحرب ويدعون إلى التفاوض والسلام، لكن آلة الحرب تستمر في الدوران مع تخصيص المليارات وفرض العقوبات من دون موافقة المواطنين أو تصويتهم عليها. كما أن وضع الديمقراطية في أوكرانيا ذاتها اليوم وقبل الحرب ليس مثاليا، حيث قام النظام السياسي على أنقاض انقلاب على شرعية الرئيس المنتخب في 2014م، لأنه كان يؤمن بالتعايش والحياد. ومع ذلك فإن المساعدات الضخمة المقدمة لأوكرانيا لم تُنه هذه الحرب بل أججتها. وصقور الحرب في الغرب لا يزالون مصرين على اتخاذ جميع الوسائل لفصل أوكرانيا عن روسيا، بضم أوكرانيا إلى “جنة الناتو” ونصب الصواريخ على بعد 6 دقائق من العاصمة موسكو. والدبلوماسيون الغربيون المحترفون يدركون خطورة هذا الإصرار على السلم العالمي، ويعلمون أن النخب السياسية الروسية بمختلف توجهاتها تقف صفا واحدا ضد توسع الناتو ومحاصرة روسيا وخنقها وتفكيكها.
الثانية: سردية كي تحصل على السلام يجب الاستعداد للحرب: وهي أيضا محض هراء، لأن ما يحقق السلام هو التفاوض والتعاون وشبك المصالح، وليس تكديس الأسلحة والاستمرار في الدعاية للحرب وتمجيدها. وحتى السلام القائم على الغلبة، فإنه لا يمكن أن يستمر، فبمجرد تغير موازين القوة تندلع الحرب مجددا. إن المروجين لهذه السردية مستعدون لشن الحروب بلا نهاية، فالحرب العالمية الأولى أدت إلى الحرب الثانية، وكانت النتيجة مقتل 16 مليون إنسان في الأولى و60 مليونا في الثانية، وتدمير جل ما بناه الإنسان من حضارة في التاريخ الحديث والمعاصر، والقضاء على امبراطوريات بأكملها. لذلك فالطريق إلى السلام يتطلب وجود قيادات حكيمة وعقلانية تؤمن بأن تفكيك القواعد العسكرية وتجنيب العالم التدمير المتبادل هو الحل، وأن بناء تحالفات من أجل السلام أفضل من كل الأحلاف العسكرية.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .