تصف إحدى الأمهات ابنها فتقول: لقد تغير طفلي الوديع الذي كان يستمع لنصائحي باهتمام وأصبحت الآن أتعامل مع شخص كأنه غريب عني يتسم بالعصبية المفرطة والاندفاعية ولا يتقبل التوجيه، بل أشعر أحياناً أن لديه فكرا مشوشا لا يمت للواقع بصلة. هذه الأم تتحدث عن ابنها في مرحلة المراهقة بلا شك، تلك المرحلة الصعبة التي تعد من أخطر المراحل التي يمر بها الفرد خلال مراحل النمو والانتقال من مرحلة لأخرى، هي مرحلة حساسة جدا ومهمة والحديث فيها يطول ويحتاج إلى تجديد ومواكبة للقضايا التي يعاني منها المراهق.
في هذه المرحلة تحدث الكثير من التغيرات التي تؤثر على شخصية المراهق، هي تغيرات جسدية وهرمونية تسهم في حدوث التقلبات المزاجية وصولا في بعض الحالات إلى الإصابة بالاضطرابات النفسية، فقد يتعرض الأبناء خلال هذه المرحلة للكثير من المشكلات النفسية التي تتطلب اهتماما ووعيا بها ومن أبرزها: المشكلات العاطفية والاضطرابات الوجدانية، اضطرابات السلوك بمختلف أشكالها والتي تضمن سلوكيات المجازفة والاندفاع دون الالتفات للعواقب وتقديرها، بالإضافة إلى اضطرابات الأكل، ويعد هذا النوع منتشرا في الفترة الأخيرة مع تغير العادات الغذائية وظهور أنماط الحياة الحديثة، كما قد يعاني المراهقون من الاضطرابات الذهانية.
إدراك أولياء الأمور والمربين خطورة هذه المرحلة وتغيراتها بحد ذاته يساهم في مساعدة المراهق على المرور بسلام خلال المرحلة العمرية من سن 10 سنوات إلى 18 سنة تقريباً، وتظهر هناك حاجة شديدة لتعزيز محددات الصحة النفسية وصولاً للسلامة النفسية.