+A
A-

من هو رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد؟

بعد مرور أكثر من أسبوعين على تقديم حكومة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق محمد اشتية استقالتها، كلّف الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الخميس المستشار الاقتصادي محمد مصطفى تشكيل الحكومة التاسعة عشرة، في وقت تشهد الأراضي الفلسطينية حالة توتر على خلفية الحرب المحتدمة في قطاع غزة، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

من هو محمد مصطفى؟

ولد في قرية سفارين التابعة لمحافظة طولكرم في 26 أغسطس عام 1954؛ وهو متزوج منذ عام 1980 من السيدة آمال القاق، وله منها ولدان، هما مُصعب ويزن.

محمد مصطفى رجل اقتصاد مستقل سياسيًا وكان نائب رئيس وزراء ووزير اقتصاد في حكومة الوفاق الوطني التي شكلت بمشاركة حماس في سنة 2014 واستمر في المنصب سنة واحدة. واضطلع بدور رئيسي في إطلاق برنامج إعادة إعمار قطاع غزة عام 2014.

تلقى تعليمه في مدارس محافظة طولكرم حتى عام 1969، عندما أتم 15 عاما من عمره، قبل أن ينتقل برفقة عائلته إلى الكويت، التي كان والده يعمل فيها منذ عام 1967، وأنهى هناك تعليمه الثانوي، ليلتحق بعد ذلك بجامعة بغداد عام 1972، حيث نال درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية عام 1976.

في عام 1983، التحق مصطفى بجامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة، وحصل منها على درجة الماجستير في الإدارة عام 1985؛ وواصل تعليمه في العام ذاته بجامعة جورج واشنطن، التي حصل منها على شهادة الدكتوراه في إدارة الأعمال والاقتصاد عام 1988.

بعد تخرجه من جامعة بغداد عام 1976، عاد مصطفى إلى الكويت؛ حيث عمِل مهندسا في إحدى المكاتب الاستشارية هناك، ثم عمل في شركة مقاولات كويتيّة إنجليزية مشتركة وتولى فيها منصب رئيس المهندسين، ليصبح وهو في سن 25 عاما مسؤولا عن 30 مهندسا وحوالي 300 موظف.

بعد سبعِ سنواتٍ من العمل في الكويت، انتقل إلى الولايات المتحدة التي تابع دراساته العليا فيها؛ وكان أستاذا زائرا في جامعة جورج واشنطن عام 1991. وحتى عام 2005، شغل العديد من المناصب العليا في البنك الدولي في واشنطن، حيث عمل في البنك في إدارة الصناعة والطاقة لمنطقة أفريقيا، ثم في قسم أوروبا الشرقيّة، ثم في إدارة البنية التحتية والخصخصة لمنطقة الشرق الأوسط.

وقد ساهم خلال تلك الفترة في تطوير العديد من شركات الاتصالات، مثل شركتي (أورانج) و(فاست لينك) في الأردن وشركة (الاتصالات السعودية) وشركات أخرى في كل من مصر ولبنان وأفريقيا وبلغاريا وروسيا.

عمل مستشارا للإصلاح الاقتصادي لدى حكومة الكويت، ومستشارا لصندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية.

وفي عام 1995، عاد إلى فلسطين بشكل مؤقت عقب توقيع اتفاقية أوسلو، حيث أمضى عاما ونصف العام في المساهمة في تأسيس قطاع الاتصالات، فكان رئيسا تنفيذيّا مُؤسِسا لشركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) بين عامي 1995 و1996، ثم عاد بعد ذلك للعمل في البنك الدولي في واشنطن.

وفي عام 2005، أقام بشكل دائم في فلسطين، بعد أن كلّفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمنصب مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية في ديوان الرئاسة الفلسطينية اعتبارا من أول نوفمبر 2005.

في مطلع عام 2006، كلّفه عبّاس بمنصب الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الفلسطيني؛ واستمرّ في هذا المنصب حتّى عام 2013. ومنذ عام 2015 حتى اليوم، يشغل مصطفى منصب رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني بتكليفٍ من عبّاس.

شغل مصطفى منصب نائب رئيس الوزراء الفلسطيني للشؤون الاقتصادية في الحكومة الفلسطينية الخامسة عشر من يونيو 2013 حتّى سبتمبر 2013؛ وشغل المنصب ذاته في الحكومة الفلسطينية السادسة عشرة من 19 سبتمبر 2013 حتى الثاني من يونيو 2014.

كما شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني في حكومة الوفاق الوطني من الثاني من يونيو 2014 حتّى تقديمه استقالته منها في 31 مارس 2015.

في أكتوبر 2014، كان رئيسا للجنة إعادة إعمار قطاع غزة في مؤتمر المانحين في القاهرة بهدف إعادة إعمار القطاع؛ وأصبح في فبراير 2022 عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيسا للدائرة الاقتصادية في المنظمة بعد عَقْد المجلس المركزي الفلسطيني، الذي هو عضو فيه أيضا، دورته الحادية والثلاثون في مقر الرئاسة الفلسطينية بمدينة البيرة.

في 11 يناير 2023، عيّنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في منصب محافظ دولة فلسطين لدى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بدولة الكويت؛ واستمرّ في ذلك المنصب حتى يناير 2024، حيث تولّى منصب محافظ دولة فلسطين لدى صندوق النقد العربي.

قاد مصطفى جهود صندوق الاستثمار الفلسطيني بتأسيس عدة شركات فلسطينية كبرى، من أبرزها شركة بالتل عام 1996، وشركة الوطنية موبايل (أوريدو فلسطين) عام 2008، وشركة مجموعة عمار للاستثمار العقاري والسياحي عام 2009، وصندوق رسملة للأسهم الفلسطينية عام 2011.

وهو عضو أيضا في عدة مؤسسات دولية ومحلية، من أبرزها منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، ومجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ومجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات، بحسب مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

البيت الأبيض يرحب

رحّب البيت الأبيض بتعيين مصطفى، مطالباً إياه بتشكيل حكومة تعمل على إجراء "إصلاحات في العمق وذات مصداقية". وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون في بيان "نحضّ على تشكيل حكومة إصلاحية في أقرب وقت ممكن".

وأضافت أنّ "الولايات المتّحدة ستتطلّع لأن تتمكن هذه الحكومة الجديدة من تنفيذ السياسات وإجراء إصلاحات ذات مصداقية وفي العمق".

وقال أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد عبد المجيد سويلم لوكالة فرانس برس إن تعيين محمد مصطفى "هو نوع من التحصين الذي أراده الرئيس في مواجهة تحديات وطنية من اليمين الإسرائيلي الذي يستهدف كل ما هو فلسطيني".

وأضاف "إنها محاولة لإعادة بناء الذات الوطنية ... وإغلاق بعض الثغرات في السلطة الفلسطينية. فالرئيس محاصر ويتعرض لضغوط" من إسرائيل وواشنطن.

وقال إن محمد مصطفى يعتبر "مقبولًا من الأميركيين بصفته يتبع نهجًا ليبراليًا".

يخلف رئيس الحكومة الجديد محمد اشتيه الذي استقال قبل أقل من 20 يومًا.

ويأتي تعيينه في فترة عصيبة بالنسبة للشعب الفلسطيني فيما قطاع غزة تحت الحرب والحصار منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي وخلف نحو 1160 قتيلًا في إسرائيل.

وبدأت إسرائيل إثر الهجوم حملة عسكرية عنيفة في قطاع غزة أسفرت عن مقتل 31341 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لوزارة الصحة حتى الخميس.

وعدا عن العدد المرتفع للضحايا المدنيين، خلفت الحرب بين إسرائيل وحماس دمارًا هائلًا في القطاع الذي يعاني قسم كبير من سكانه من الجوع ويعيشون في ظروف كارثية، وفق الأمم المتحدة.

ويأتي ذلك فيما يجري البحث في ما سيحصل "في اليوم التالي" بعد انتهاء الحرب في غزة والجهة التي ستتولى إدارة القطاع فيما تعلن حكومة إسرائيل عن نيتها الحفاظ على السيطرة الأمنية فيه، وتؤكد رفضها قيام دولة فلسطينية رغم الضغوط الدولية.

في هذه الأثناء تشهد الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتان أجواء متوترة وأعمال عنف خلفت مئات القتلى في ظل تدهور الوضع الاقتصادي.