أن يقف بعض نوابنا فرحًا ويملأوا قاعة المجلس تصفيقًا وتهليلًا- ونحنُ معهم- ليس لإنجازٍ سياسي أو مكسبٍ معيشي ينتظره الناس؛ بل لأنهم وبكل تواضع تمكنوا من جمع ٢٨ صوتًا رافضًا لمرسوم رقم (٣٨) لسنة ٢٠٢٢ بشأن تعديل اللائحة الداخليّة لمجلس النواب، والذي رأته الأغلبية الرافضة يُضيف تراجعًا في أدوات البرلمان التي ضَمّن أغلبهم برامجه الانتخابية بوعود تعززها وتسترد ما انتقص منها في التعديلات المتعددة السابقة.
أن تفتتح النقاش حول المرسوم المثير للجدل النائب جليلة السيد بمداخلة تصف فيها شعور المواطنين تجاه نوابهم وتقول “الشعب يمقُت النواب؛ الشعب اليوم يكره النواب كما يكره الفقر والموت” ليُعقّب زميلها النائب محمد العليوي واصفًا الحال بـ “خلنا نكون واقعيين؛ المجلس محد راضي عليه” ولم يذهب بعيدًا النائب جلال كاظم حينما قال “الشعب كان يطالب بالبرلمان؛ واليوم يطالب بحلّه” نعم ذلك ما نطقت به ألسن ٣ نوّاب في جلسة واحدة.
أنّ يقف مقرّر لجنة الشؤون التشريعية والقانونية النائب د.علي النعيمي منبريًا ومدافعًا عن المرسوم -الذي لم يُداخل أبدًا أحد النواب الموافقين الخمسة ولا حتى الممتنعين الأربعة لنسمع وجهة نظرهم- ليتلو في ختام “مُرافعته” توصية اللجنة والتي خالفها “كُلّ” أعضاء اللجنة بمن فيهم رئيسها النائب محسن العسبول وزميلهم الغائب لظرفه الصحّي النائب محمود فردان الذي أوصل رفضه عبر مداخلة إحدى زميلاته.
أن يُختم هذا الاحتفال النيابي “في حالة نادرة” بتصريح للنائب محمد الحسيني مخاطبًا زملاءه في الغرفة المعيّنة بخطاب أقرب للاستجداء عبر مدونته الشخصية في موقع (X) نصه “السادة أعضاء مجلس الشورى؛ قد تم رفض اللائحة الداخليّة وبأغلبية من مجلس النواب؛ وبترحيب شعبي كبير والحمد لله؛ نأمل من مجلسكم الموقّر أن يأخذ ذلك في عين الاعتبار”.
هذه “الأنَّات الأربع” تشخّص حال مجلسنا النيابي؛ وبصراحة بقدر نقدنا الدائم للنوّاب وأدائهم، إلا أنهم في موقف الغارق بين كماشتي الحكومة ومجلس الشورى وضغط الشارع، الذي وسط هذا كلّه ما زال يأمل شيئًا من “أصحاب السعادة”.
وخزة:
كتلة التفكير الاستراتيجي، وعند أوّل امتحان بانت “بلا استراتيجية” فرئيسها “أول الموافقين” ومتحدثها الرسمي “أشدّ الرافضين” والباقي من الأعضاء صَوّت “كُلٌّ وهواه”.
* كاتب بحريني