العدد 5530
الثلاثاء 05 ديسمبر 2023
فناء لا يقبل إلا أهله
الثلاثاء 05 ديسمبر 2023

غريبة هي أطوار بعض البشر الذين يصرون على البقاء في أماكن لا يمكنها أن تكون لهم إطلاقًا، يرسمون أحلامًا لا تتسق ولا تتلاءم مع القيم والمقومات التي منها يتشكل ذلك الطابع العام، لذلك تتعدد سيناريوهات المواقف بين الأشخاص الذين يمرون في ذات الفناء المرتبط بالسياق المكاني ويحدث الصراع الذي يصعد ويهبط حسب ارتفاع أسهم البشر لدى من شاءت لهم أقدارهم أن يمسكوا ترتيب الأشخاص ويفرضوا التمايز فيما بينهم. أعلم أن الأمر قد يكون أشبه بلعبة الشطرنج، لكن الحديث حوله قد ينفع ويفيد عندما يدرك الأشخاص المعرضون للغواية من ذواتهم بشأن المجازفة بالدخول في مكان لا يتسع لهم جملة وتفصيلا، وهذا واقع للأسف، بسبب غياب القدرة على تصنيف الخيارات بناء على القدرات والاتجاهات والاعتماد على عنصر التبعية العمياء لمن تختلف قدراتهم تمامًا ومجاراتهم فيما يستطيعون القيام به لمجرد الرغبة في التقليد لا أكثر. لذلك تحصل الفوضى في ذلك الفناء بسبب ارتفاع الأصوات التي تنادي بأحقية وجودها في المقدمة مهما كان دورها وعطاؤها، وغالبًا ما يكون عنصر الزمن وأسبقية البقاء فيصلاً للصراع، ولا نعلم من ينجح في ظل وجود الجدية والعمل الجاد في مقابل من يتباهى بحضوره ووجوده البهي.
“ضربة معلم” عندما يكون هناك من يعي ويدرك المآرب التي قد تبدأ عفوية بسيطة، وتتمادى بسبب الاعتياد على بريق أضواء الفناء وبروتوكولات الإطراء، لذلك، والحق هنا لا يلقى على هؤلاء الأشخاص الذين دخلوا كحال من يرغب في أخذ قسط من التجربة التي قد تسمن وتغني.. بل يلقى على أولئك الذين تنقصهم الروية والرؤية الثاقبة في ضبط العمليات والمدخلات التي تعطي الفناء وأهله كل الحرية في حلحلة المرتكزات التي تجعل من القيم الحقيقية للمشاركة الأساس الذي يجمع البشر بما يتلاءم مع مقومات الفناء وأهله، لذلك تبقى للرأي وجهة مختلفة.
*كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية