يشتكي الكثيرون من الملل، البعض يعزيه لدرجة الحرارة، والآخر يعزيه لقلة الحيلة وقصور المادة، وآخرون بسبب روتين الأعمال في حياتهم، كل واحد حسب ما يمر به في يومه، لكن يومه يمر وهو يشعر بالملل في أغلب أحيانه!
الحقيقة أن الأمر بعيد تماما عن الملل، إنما هو تشتيت وسوء إدارة من قبل الأشخاص نحو ذاتهم، فأغلب الوقت المهدر يضيع في تصفح حسابات التواصل الاجتماعي، من حساب لآخر، وبرنامج تلو البرنامج، ليصدم الشخص بما يلبس هذا ويأكل ذاك وسفرات الآخرين إلى خارج البلاد، وكم كبير من الأخبار المتعلقة بعدد لا بأس به ممن يطلقون عليهم لقب المؤثرين، وتبدأ دوامة المقارنات بين ما يملك الشخص وما يراه على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، فيدخل دوامة مراقبة الآخرين، وينتهي بإحباط شديد يومي عندما لا يتوفر له ما يراه في يد غيره، ثم يكتشف أن يومه ذهب سدى دون أن يفطن إلى الحالة النفسية التي وصل إليها جراء تشتيت انتباهه على وسائل التواصل الاجتماعي، ويعتقد أن المسألة كلها “ملل لا أكثر”!
وفي خضم تلك الحالة وسيطرة الهاتف المحمول على عقول البشر، وزرع مقارنات وقياسات خارقة للعادة وتبسيط الموضة، والسفر، والتجميل والحصول على المال وربط كل ما ذكرت بالسعادة على صفحات برامج الهاتف ومقارنته بالسعي الدائم والاجتهاد وعدم حصول المرء على ما يصبو إليه أو يستحق، يخلق حالة كبيرة من عدم الرضا وعدم التقبل، والانتكاسة أو ما خدعوك به وأطلقوا عليه “الملل”.

*كاتبة وأكاديمية بحرينية