العدد 5283
الأحد 02 أبريل 2023
banner
حديث الروح
الأحد 02 أبريل 2023

في مجلس رمضاني شاءت محاسن الصدف أن أكون أحد المدعوين إليه، كم كانت الفرصة مواتية لأن أستمع إلى ما قاله ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظه الله ورعاه خلال حديث من القلب إلى القلب، مع جميع الحاضرين، كان حديث الروح بحق عندما تصدر الوضع الاقتصادي مشهد الحديث، والتوازن المالي قائمة الأولويات الملحة خلال الفترة الحالية، كيف يمكن أن نتجاوز “الدين العام”، وما هي الآليات التي تجعل قرارنا نابعًا من إمكاناتنا، وليس مرتهنًا لأي اعتبارات أخرى؟ كيف يمكننا إدارة مواردنا، وإيقاظ المتراجع منها، وتوفيق أوضاع آليات عملها؟
إنها أسئلة طرحها سموه أمام الحاضرين، وأجاب عليها بدقة وسلاسة متناهية عندما كانت الأرقام كاشفة، ومعدل الدين العام قد نجحنا في خفضه من 144 % من الناتج المحلي الإجمالي إلى 101 % في الوقت الراهن، أي بنسبة فاقت الـ 40 % خلال فترة وجيزة.
هذه القفزة في خفض الدين العام لم تتحقق إلا إذا كان الانضباط في المصروفات متجليًا لأقصى حد، وإلا لو كانت فكرة تعظيم العائدات قائمة على أسس مالية شديدة التناغم مع حالة العجز في الموازنة العامة، ومع حالة ميزان المدفوعات والميزان التجاري وميزان الحساب الجاري للدولة.
ويحضرني كلمات سموه التي ذهبت إلى حقيقة هامة مفادها أنه بتكاتف كل أبناء الوطن قد تحقق لنا هذا التراجع في الدين العام، وبعون الله وحفظه وبمزيد من التعاون والتلاحم سوف نتجاوز هذا الوضع، حيث لا فرق بين قطاع حكومي وآخر خاص، وحيث إن الجميع سواسية في الأدوار عند الدولة، والجميع يعمل من أجل رفعة هذا الوطن وعلو شأنه.
المجالس الرمضانية دائمًا ما تأتي لنا بالجديد الكاشف، بالأكثر رجاحة في عالم المال والاقتصاد والثقافة وعلوم المجتمع، هي برلمانيات مفتوحة لكل فكر حصيف، وكل رأي حر منضبط، وكل رسائل مهمة تنبع من القلب لتتجاوز محاذير اللحظة، ومفردات الحاجات الملحة والضرورات المهمة.
من الواضح أن الاقتصاد يتصدر قائمة اهتمامات سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ومن الواضح أيضًا أن الدولة تبذل جهدًا كبيرًا في سبيل علاج تفاقم المديوينات سواء الداخلية أو الخارجية، ومن الأحرى بنا ونحن نتحدث عن هذه الحالة الاقتصادية التي باتت الأصعب بالنسبة لمكونات المجتمعات المعاصرة أن نفكر دائمًا خارج الصناديق التقليدية، وأن نعمل يدًا بيد لكي نصل في خططنا التنموية إلى حد الاعتماد على النفس وليس على أي شيء آخر.
صحيح أن التعاون مع الأشقاء والأصدقاء هو سنة هذه الحياة، لكن الصحيح أيضًا أن الانطلاق من فكر محافظ، هادئ، يدرك ضرورات التنمية المستدامة وكيفية تحقيقها وفقًا لاعتبارات وآليات ونظم الأمم المتحدة التي حددت سقفًا زمنيًا لتحققها لا يتجاوز عام 2030، هذه كلها اعتبارات لم ولن نغفلها، وهذه كلها ملاذات آمنة لنا لتوضيح معالم الطريق المرسوم بخارطة شديدة الدقة والانضباط.
تراجع الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي لهذه النسبة المهمة يمنحنا الأمل بأن يكون المستقبل بإذن الله أفضل، وأن أقدامنا التي نضعها على عتبات النماء المستدام واعية بكل خطوة على الطريق، وكل منحدر نتجنب الوقوع فيه، وكل مطب لا ينبغي تجاهل وجوده، هو فكر مستنير تؤمن به القيادة لكي يتحقق التناغم المطلوب بين القطاعين العام والخاص، فلكل دور يكمل الآخر، ولكل رسالة خير سوف تنعكس حتمًا على مفردات الوطن، وكل عام ومجالسنا الرمضانية بألف خير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .