+A
A-

عرض جلجامش يظهر مدى تطور الرؤية الإخراجية وقوة النص السردي والشعري 

يُعدّ مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي إحدى المنصات الفنية والثقافية المهمة التي تتفاعل فيها الحوارات والنقاشات بين الأجيال المسرحية المختلفة بمنطقة الخليج، وخصوصاً ما يتعلق بتبادل الخبرات والرؤى الإبداعية بين جيل الروّاد المساهمين في تأسيس الحركة المسرحية بالمنطقة، وبين جيل الشباب الواعد والباحث عن فرص حقيقية لإثبات قدراته ومواهبه على خشبة المسرح. 

ويعتبر الفنان الكبير والرائد محمد ياسين، الذي كان ضيف مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، قامة فنية لها ثقلها ووزنها منذ بدايات ظهور فن الدراما بالإمارات والبحرين، كما كانت مبادراته ومشاركاته المسرحية من العلامات الفارقة في النهوض بمسيرة "أبي الفنون" واستقطاب الجماهير للتواصل مع هذا الفن الإنساني الراقي.

وفي حوار مع الاتحاد الاماراتية بأروقة قصر الثقافة بعد عرض المسرحية البحرينية "يا خليج" أشار الفنان المعروف باسم "بابا ياسين" بعد مشاركاته المكثفة في برامج الأطفال وفي الدراما التلفزيونية بأبوظبي فترة الستينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي، إلى أن مهرجان المسرح الخليجي ثمرة من الثمار المضيئة واليانعة للشجرة الكبيرة والوارفة بالمشروع الثقافي للشارقة التي يرعاها ويرويها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بأفكاره وآرائه ودعمه اللامحدود لأهل المسرح، مضيفاً أن المهرجان تجمّع مثالي لفناني المسرح الخليجي تحت ظلال هذه الشجرة الخضراء دائماً مثل قلوب أبناء الإمارات. وقال ياسين إنه لمس تطوراً في الأعمال المطروحة في هذه الدورة مقارنة بالدورات السابقة، ونوّه إلى أن المهرجان خلق وعياً تراكمياً من حيث نوعية الأفكار المطروحة في العروض وطرق معالجتها أسلوبياً وتقنياً، وخلق أيضاً صيتاً جيداً انتقل صداه الإيجابي إلى المنطقة العربية بأكملها وليس إلى منطقة الخليج وحدها، نظراً لمشاركة العديد من النقاد والإعلاميين العرب في فعاليات المهرجان بعروضه المختلفة وندواته التطبيقية وأثناء النقاشات التي تلي عرض المسرحيات، مؤكداً أن مثل هذا الحراك النشط يضخ الحيوية في المشهد المسرحي ويجعله فعلاً فنياً مستداماً، راهناً ومستقبلاً.

وحول العرض البحريني الذي قدمته فرقة جلجامش في المهرجان بعنوان: "يا خليج" أوضح ياسين أنه فوجئ بمدى تطور الرؤية الإخراجية وقوة النص السردي والشعري في العرض، وخصوصاً بتقديمه التراث الشعبي العريق والفلكلور الموسيقي الثري بطابع معاصر ومدهش. وقال إن العرض أفصح عن طاقات إبداعية شابة ينتظرها مستقبل واعد للذهاب بالمسرح البحريني لمديات جمالية أبعد وأكثر إبهاراً.

وحول مستقبل المسرح بدول الخليج وآفاقه المتوقعة، قال ياسين إنه ينظر بتفاؤل للحركة المسرحية في قادم الأيام، وإنها ستشهد طفرة نوعية سواء على مستوى النص أو الإخراج والسينوغرافيا أو الأداء التمثيلي، وبرّر هذا التفاؤل بوجود منارة ثقافية متوهجة في الشارقة تدعم هذه الحركة فنياً ولوجيستياً ونقدياً وبحثياً، والتي يمكن أن تؤدي لولادة منارات أخرى في دول الخليج ضمن السيرورة التطورية والتصاعدية في تاريخ المنطقة وعلى جميع المستويات.