العدد 5196
الخميس 05 يناير 2023
banner
لا تحرموهم من إجازاتهم
الخميس 05 يناير 2023

إنّ عدد أيام الإجازات التي يستكثرها أصحاب الأعمال باتت مقولة مثيرة للاستهجان، فإضافة إلى أنّ أيام الإجازة هي الأقل بين ما يمنح لغيرهم، فإنها حق أصيل للموظف ضمن حقوقه الأخرى. السؤال هنا ماذا تريدون من الموظف؟ ولماذا تتعاملون معه كالآلة؟ هل تريدون منه العمل طوال السنة بلا توقف؟ ما يدهشنا أن يعاود بعض التجار الحديث عن الإجازات وكأنّها كارثة اقتصادية تؤذن بخراب مؤسساتهم.
الأمر غير الطبيعي أن ينصرف تفكير أصحاب الشركات والمؤسسات بالدرجة الأولى إلى الأرباح وحدها دون التفكير في مشاعر المنتمين إلى مؤسساتهم، وكأنها استنزاف لطاقاتهم حتى آخرها. إنّ بعض تلك الشركات تطالب موظفيها بالعمل حتى بعد نهاية الدوام دون أجر إضافيّ، طبعا ليس من حق أحد الاعتراض وإلاّ كانت العواقب وخيمة، وأمام هذه الحالة يضطر الكثيرون إلى خيار الصمت وبالشروط المجحفة. إنّ الذّي لم يدركه أصحاب هذه المؤسسات أنّ فلسفة الإجازة ترمي إلى تجديد نشاط الموظفين لمعاودة العمل بهمة أكبر، وهذا بالتأكيد يصب في صالح أصحاب الأعمال، والذي لم تأخذه المؤسسات ضمن حساباتها أنّ إرهاق الموظفين لأيام أطول سيؤدي إلى قلّة إنتاجيتهم، ناهيك عن كونه عامل تدمير لإبداعاتهم.
يؤكد الخبراء أنّ ضغوط العمل المتواصلة لها سلبيات حقيقية بالغة الخطورة على الصحة، وهذا بطبيعة الحال يدفع الموظف إلى التغيّب عن العمل، وقد تمنحهم العيادات إجازات مرضية تمتد لأيام وليس مستبعدا أنّ مستقبلهم الوظيفي يصبح أمرا مهددا. من الأمور الثابتة أن يستسلم البعض إلى القبول بالأجر دون الاستمتاع بالإجازة دون إدراك القائمين على المؤسسات خطورة هذا النهج على مستقبل الموظف. التفكير بجني الأرباح وحده أكبر علّة للعديد من الشركات التي لا تريد التخلّص منه أو على الأقل إعادة النظر في نتائجه رغم أثمانه الباهظة. قلّة من المدراء الذّين يتعاملون وفق الشرط الإنساني، أما الأغلبية فلا تعنيها سوى مضاعفة الأرباح، ولو كان على حساب راحة الآخرين.
أتذكر أنني قبيل أيام كنت في زيارة لصاحب مؤسسة صغيرة وفاجأني بما لم يخطر ببالي عندما أخبرني أنه خصص يوما ترفيهيا للعاملين في المؤسسة. الفكرة راقت لي جدا وتمنيت لو أنّ المؤسسات الأخرى أخذت بها لما تجنيه من مكاسب عديدة، فبالإضافة إلى شعور المنتسبين بالسعادة فإنها في ذات الوقت تشعرهم بأنّهم جزء منها وبالتالي يتضاعف عطاؤهم وتفانيهم.

*كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .