العدد 5150
الأحد 20 نوفمبر 2022
banner
مسك الختام!!
الأحد 20 نوفمبر 2022

بهدوء مرت جولة الإعادة لـ “النيابي” و”البلدي”، بمنتهى الفرح للذين حالفهم التوفيق، ومنتهى الصبر للذين لم تتحقق آمالهم في عضوية “البلدي” أو “البرلمان”، إنها حظوظ قد تذهب وقد تعود، فالأمل كل الأمل أن يتوج من يستحق، والأمل كل الأمل أن يعوض البعض ما فاتهم في جولات استحقاقية قادمة، فلا يأس مع الحياة.
أقول ذلك وأنا أكتب مقالي هذا قبل النزال الأخير للماراثون الانتخابي الكبير، ولكوني لا أعلم من سيحالفه الحظ، أو من سيخرج من السباق، فإنني لا أملك إلا المطالب ممن فازوا، والأمنيات الطيبة لمن ينتظرون الاستحقاق القادم لعل وعسى.
أما مطلبي من النواب، فهو متكرر، هو أمل في مجلس نيابي يتفق على معالجة مشكلات الناس، على التعاطي وليس التغاضي عن أولويات المرحلة، على الاهتمام بهموم قطاعات تعاني أكثر من الاهتمام بما سيتم جنيه من مكتسبات شخصية داخل مجلس تشريعي لا يحتمل المواءمة بين الشخصي والشعبي، بين الذات بطموحها المشروع أحيانًا والموضوع بإشكالاته وتفرعاته والتحديات التي تعرقل مسيرته.
إنها الحيرة بين من يمتلك القدرة على الاستغناء، ومن يسقط في بئر الشخصنة العميق، بين من يضحي من أجل الوطن، ومن يربط هذه التضحية بمكتسبات ومردود في المقابل.
لقد قلناها مرارًا وتكرارًا الوطن ليس شركة تجارية ينتظر المواطن منه مقابل لكل ما يصنعه، مردود لكل ما يضحي به، الوطن هو الأصل الذي نستمد منه فروعنا، والعمق الذي تثبت من فوقه أقدامنا، والحياة التي لا تستقيم لو تجاهلنا آماله فينا وأحلامنا معه.
الوطن لا يبخل على أبنائه أبدًا، ولم يبخل، والأبناء لابد أن يردوا له الجميل، لابد أن يحافظوا على استقراره ونمائه، بل وأن يشاركوا فيه، الوطن هو الوسادة التي لم تعد خالية كونها مكتظة بالراحة والأمن والأمان وحب الحياة، وكونها وثيرة للحد الذي لا حدود له، وللوجود الذي ليس فيه مساومة أو فصال، وللمدى الذي لا يجب أن نتناساه بمجرد أن نخلد جميعنا للنوم الآمن المطمئن.
لابد أن يفكر نوابنا القادمون إلى البرلمان في كيفية تحقيق ما لم يتم تحقيقه في المجلس النيابي السابق، لا أن يهدموا ما تحقق من إيجابيات كثيرة، ولا أن يمروا مرور الكرام على المكتسبات وكأنها بعبعًا يطاردهم، أو كابوسًا يؤرق مخادعهم، أو انتصارًا من السابقين على اللاحقين، الكل أدى دوره بأمانة وإخلاص، والكل - بإذن الله - لابد وأن يؤدي دوره بأمانة وإخلاص، لا فرق بين نائب أدى ما عليه في حدود إمكاناته وفرصه وظروفه، وآخر لم ينجح في تحقيق برنامج عمله على أحسن ما يكون، لا فرق بين نائب خرج من تحت القبة التشريعية مع تمنياتنا له بمستقبل باهر سعيد، ونائب آخر يدخل المجلس المعتبر وفي نيته هدم ما فات والبدء من الصفر وكأننا نعيد اختراع العجلة من جديد.
المطلوب من النواب شرعي، وليس حماسيًا للحد الذي يبتعد بنا عن هدفنا المرسوم سلفًا، وعن أمانينا في نيابي أو بلدي أكثر نضارة وتألقًا، لا يهم كم من الشباب فازوا أو كم من ذوات التجارب جاءوا بأمر تصويت مباشر من الناس، لا يهم هل المرأة انتصرت أم إن الرجل هو الذي تفوق عليها أو العكس، فالمستقبل لا يمكن ارتهانه بحرب مفتعلة بين هذا وذاك، والوطن لا يمكن اختطافه بل واحتجازه في قفص المقارنة أو المقاربة بين هذا وذاك، فكلنا مواطنون، وكلنا على حق، كلنا مسئولون، وكلنا لابد أن نتحمل هذه المسئولية، لا تحكمنا غير ضمائرنا، ولا تقودنا غير أعمالنا وطموحات الناس فينا، ولا يعول علينا سوى الوطن بأكمله، وكل انتخابات وأنتم بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .