العدد 5127
الجمعة 28 أكتوبر 2022
banner
دور الوساطة في تسوية المنازعات
الجمعة 28 أكتوبر 2022

تقوم غرفة التجارة الدولية بباريس بأدوار كبيرة في دعم التجارة الدولية. ومن هذه النشاطات دورها في تسوية المنازعات، وهذا يتمثل في دعم التحكيم التجاري والوساطة وبدائل تسوية المنازعات الأخرى. ومن دون شك، فإن تسوية المنازعات عبر البدائل القانونية المتوفرة من غرفة التجارة الدولية، له فوائد عديدة للأطراف. ونظرا للإقبال على الوساطة “مدييشن”، اهتمت الغرفة بذلك، حيث تقوم باعتماد اللوائح والقواعد الخاصة بالوساطة. 
وما يميز أحكام وقواعد الوساطة السارية الآن، ذكرها التام لكلمة ومصطلح “الوساطة” دون الإشارة بصفة عامة لبدائل تسوية المنازعات، أيضا يوجد وضوح كامل للإجراءات، مع قابلية الأحكام والقواعد للتطويع وفق المعطيات المتوفرة. وكذلك من المميزات منح مركز الوساطة بالغرفة والوسيط المعين الصلاحيات في التصرف عند أي أمر طارئ لا تتضمنه قواعد الوساطة وعليهم اتخاذ القرار شريطة ألا يتعارض الإجراء مع روح القواعد أو كما نقول “روح القانون”. وفي هذا تقدير للوسيط ومنحه الثقة خاصة وأن الأطراف منحوه هذه الثقة عند اختيارهم له كوسيط. ويجب أن ندون هنا، أن على الوسطاء الارتقاء لمستوى المسؤولية مع التفاني في العمل لمنح “الوساطة” ذلك الدور الذي تستحقه للمساهمة في تحقيق العدالة. والوساطة يقوم بها الوسيط كشخص “مستقل” ومؤهل للقيام بها حسب نوع النزاع، وتكون فردية “أد هوك” أو مؤسسية تحت مؤسسة كما عليه الوضع في غرفة التجارة الدولية وغيرها من المؤسسات التي تعنى بالوساطة.
يذكر أن إعداد أحكام وقواعد الوساطة تم بواسطة لجنة خاصة “تاصك فورص” من خبراء يمثلون غالبية الدول، وأجازها “مركز الغرفة الخاص بالوساطة وبدائل تسوية المنازعات”. كما قام مركز الغرفة للوساطة بإرفاق مذكرة تفسيرية للقواعد للمساعدة في تسهيل التطبيق وللمساهمة في تسوية المنازعات ودعم التجارة البينية. مع ملاحظة التركيز في القواعد، على استعداد مركز الغرفة لتقديم العون لأطراف النزاع شاملة النصائح الفنية والمساعدة في اختيار الوسيط واختيار اللغة ومكان الوساطة، وهذا بالطبع من فوائد “الوساطة المؤسسية”. وفي هذه السانحة نشير إلى أن مركز الغرفة للوساطة قد يستعين بمراكز الغرفة الأخرى أو باللجان الوطنية؛ للمساعدة في اختيار الوسطاء المستقلين المؤهلين، وهذا توجه ملحوظ بمنح دور مهم لكل “اللجان الوطنية لغرفة التجارة الدولية”.
ما يميز “الوساطة - مدييشن” عن البدائل الأخرى، من تحكيم أو توفيق أو صلح رضائي، أنها تتم في وقت قصير وتؤتي أُكلها سريعا، حيث تم في حالات عديدة الوصول للتسوية بعد الاجتماع الأول أو الثاني للوساطة، وهذا يمثل مفخرة للوسطاء وللوساطة، لكنه من دون شك يعتمد في المقام الأول وإلى حد كبير على مدى جاهزية ومهنية الوسيط ومقدراته الشخصية وملكاته الفنية. والتسوية بالوساطة في وقت قصير تعني الكثير فيما يتعلق بتطبيق مبدأ تقليل تكاليف تسوية المنازعات، وكلما كانت التكلفة قليلة تستفيد الأطراف لأن ارتفاع تكاليف تسوية المنازعات يشكل هاجسا كبيرا وربما يضطر البعض لترك حقوقه بسبب ارتفاع المصاريف وإرهاقها كاهله. 
وتركز غرفة التجارة الدولية على تسوية المنازعات عبر “الوساطة”؛ لأن تجربتها ناجحة، حيث تم الوصول للتسوية لأكثر المنازعات التي تمت الوساطة فيها. وبالرغم من أن اللغات “الرئيسة” لغرفة التجارة الدولية تنحصر في الإنجليزية والفرنسية، إلا أن مركز الوساطة قام بإصدار القواعد ومذكرتها التفسيرية بثماني لغات، منها اللغة العربية، ويمكن لأي شخص الحصول على نسخ أصلية باللغة التي يرغبها من مكتبة الغرفة.
إن دور الوساطة يكبر بسرعة متنامية خاصة وأن هذا البديل أثبت وجوده كحقيقة وكواقع وسط رجال الأعمال والشركات ومختلف المهن، وفي هذا يعود قصب السبق للغرفة التي بدأت وما فتئت تبذل الجهود في استخدام الإمكانيات الفنية واللوجستية والمؤسسية لتعبيد الطرق لدعم التجارة الدولية في كنف العدالة. 
والوساطة في البحرين متأصلة الجذور وتمثل جزءا من التاريخ والثقافة العامة. وفي الفترة الأخيرة تم إصدار الأسس القانونية الحديثة وفق آخر ما توصلت إليه مهنة الوساطة. ونلاحظ أن الوساطة هنا تجد الاهتمام الكبير لأهميتها البالغة، مع بذل الجهد لتوفير العناية والتدريب؛ لتمكينها من السير حثيثا لتحقيق العدالة الناجزة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية