العدد 5106
الجمعة 07 أكتوبر 2022
banner
القانون وحفظ الحق
الجمعة 07 أكتوبر 2022

الحقوق لها مكانة خاصة في القوانين التي تقدم الضمانات لحفظ وصيانة الحقوق. ووفق القانون المدني فإن “الحق” (كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته، أو بحكم القانون، فإنه يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية). وتعتبر الأشياء خارجة عن التعامل بطبيعتها إذا كان لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها كالهواء مثلاً، كما تعتبر الأشياء خارجة عن التعامل إذا كان القانون لا يجيز أن تكون محلاً للحقوق المالية كالمخدرات أو المتحصلات الناتجة من غسل الأموال أو الممتلكات ملك الغير. 
وكل عقار يجوز أن يكون محلاً للحق. وكذلك يعتبر عقاراً بالتخصيص، المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه، لخدمة العقار أو استغلاله. ويعتبر مالاً عقارياً ومحلاً للحق كل حق عيني يقع على عقار ويشمل حق الملكية والدعاوى التي تتعلق بحق عيني على عقار. وكل ما ليس عقار فهو منقول، ويعتبر مالاً منقولاً ومحل حق للملكية المنقولة ويكون محلاً للحق على هذا الأساس. 
إضافة للعقار والمنقول، هناك أشياء أخرى تكون محلاً للحق وفق القانون المدني، ومن ضمن هذا نجد الأشياء المثلية. وهي ما تماثلت آحادها أو تقاربت بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء عرفاً بلا فرق يعتد به، وتقدر في التعامل بالعد أو الكيل أو الوزن أو القياس. ويجوز الاتفاق على تقديم الأشياء المثلية للوفاء بالحق. 
وكذلك هناك الأشياء القيمية، وهي ما تتفاوت آحادها في الصفات أو القيمة تفاوتاً يعتد به عرفاً، أو يندر وجود آحادها في التداول. والأشياء القيمية تمثل محلاً للحق لمن يملكها، مع العلم أن الأشياء القيمية تختلف عن الأشياء المثلية ولذا لا يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء بالحق ما لم يتم الاتفاق على الفرق أو ما يقوم مقامه. وبالنسبة للأشياء القابلة للاستهلاك، فإنها أيضاً محلاً للحق، وتتمثل في تلك الأشياء التي يكون استعمالها بحسب ما أعدت له في استهلاكها. ويعتبر قابلاً للاستهلاك كل ما أعد في المتاجر للبيع، وهي محل للحق ولاستهلاكها لا بد من الوفاء بالثمن أو تبادلها وفق الأعراف التجارية السائدة. 
وهناك أشياء أخرى يجوز أن تكون محلاً للحق “المعنوي الأدبي” غير المادي. وخير مثال “حق المؤلف” وغيره من الحقوق التي ترد على شيء غير مادي. وهذه تنظمها قوانين خاصة لابد من مراعاتها حفظاً للحقوق الأدبية والمعنوية وما يرتبط بها من حقوق مادية. وهناك اتفاقيات دولية تتناول هذه الحقوق وكيفية الحفاظ عليها على المستويين المحلي والعالمي. وهناك الحقوق العامة، أو محل الحق العام، وتشمل الأموال العامة التي تملكها الدولة. وهذه الحقوق، تكون مخصصة للنفع العام بالفعل أو بمقتضى قانون أو نظام من الجهات المختصة. وهذه الحقوق العامة لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم. وينتهي تخصيص الأموال العامة للنفع العام بالفعل أو بانتهاء الغرض الذي خصصت من أجله أو بمقتضى قانون أو قرار من الجهات المختصة. 
أوضحنا أعلاه، محل الحق الخاص أو العام، والقانون المدني يبين كيفية استعمال الحق الخاص أو “العام”. وكقاعدة جوهرية، فإن استعمال الحق استعمالاً مشروعاً لا تترتب عليه مسؤولية، ولو نشأ عن هذا الاستعمال ضرر للغير. وهذه القاعدة المهمة تقوم على مبدأ عدم المسؤولية شريطة أن يتم استعمال الحق استعمالاً مشروعاً. ويكون استعمال الحق غير مشروع، إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة، أو إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، أو إذا كان من شأنه، أن يلحق بالغير ضرراً بليغاً غير مألوف.
ومع اعتراف القانون بالحق ومحل الحق وما يترتب على محل الحق من حقوق قانونية، فإن التعامل مع محل الحق أصبح واضحاً للجميع ويجب التصرف مع محل الحق وفقاً لذلك. وهناك مسؤولية قانونية مباشرة تقع على محل الحق وضرورة استخدامه بالطرق المشروعة ووفق أحكام القانون. وننصح الكل من أصحاب الحق أو غيرهم، التعامل مع الحق وفق القانون حتى تسير الأمور على الوجه القانوني الصحيح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية