العدد 5092
الجمعة 23 سبتمبر 2022
banner
الحوكمة وأثر طموح الشركات
الجمعة 23 سبتمبر 2022

لقد ثبت من التجربة، أن تطبيق مبادئ حوكمة الشركات يعود بفوائد جمة عديدة على الشركات خاصة وعلى العمل المؤسسي بصفة عامة. وهناك عدة أمور يساهم وجودها، في الشركة، في دفع التطبيق الأمثل لمبادئ الشركات الى آفاق بعيدة ومن هذه الأمور يأتي “طموح” الشركة في هذا الخصوص على رأس القائمة. إن للطموح أثر كبير في شتى الأمور الشخصية وكذلك فإن له دورا كبيرا في الأمور الأخرى المؤسسية كما يحدث في العمل الفردي وعمل الشركات وخلافهما.
إن توافر الطموح في كل عمل يعتبر بداية الانطلاق نحو التميز ونحو الريادة، و في ما يتعلق بحوكمة الشركات فانه يعتبر الزاد والعتاد للأخذ بيد الشركة للوصول للقمة. بل إن الطموح بشقيه، الشخصي والمؤسسي، يؤخذ كأحد المتطلبات التي يكون لوجودها قوة لازمة قوية لدفع الشركة نحو الالتزام بالتطبيق الأمثل لمبادئ حوكمة الشركات. ومن الواقع المعاش تبين أن الشركات ذات الطموح العالي هي التي نجحت في السير بثقة وأمان نحو الحوكمة والاستفادة من المبادئ التي تنادي بتطبيقها. وطموح الشركة يأتي من طموح أولئك القابعين على القمة الإدارية والمتمثلة في رئيس وأعضاء مجلس الإدارة ومن خلفهم التنفيذيين الذين يقودون الإدارة اليومية ويسعون لدفعها لتحقيق إصابة هدف الحوكمة.
بصفة عامة، وللحصول على الريادة والتميز عبر التطبيق الأمثل لمبادئ حوكمة الشركات، فان الشركات “الطموحة” تسعى حثيثا لتحقيق طموحها الذي يتأتى عبر وضع تلك الأهداف والرؤية والقيم العليا، وتحديد كل منها ثم الالتزام بالسير المنضبط على هدي نهجها. ولتفعيل الطموح فان “أهداف” الشركة لا بد أن تشمل، الإجابة على من نحن وماهي شخصيتنا؟ وماذا نفعل؟ ومن أجل ماذا قامت الشركة؟ وما الهدف المنشود من قيامها وما هي الأولويات لتحقيق هذا الهدف ؟... وغيره. 
ولتفعيل الطموح فان “رؤية” الشركة التي يجب بلورتها لا بد أن تشمل، الإجابة على ما هي أهم الطموحات التي نحلم في تحقيقها؟ وما هي نظرتنا لتنفيذ هذا الحلم؟ وما هي الخطوات الواجبة التغيير للوصول لتحقيق هذه النظرة المستقبلية ؟ والى أين نريد الوصول ؟ وما هو الحد الذي نطمح للوصول إليه، وكما يقول البعض “حدودنا سقف السماء” ؟ ولماذا وكيف ولمن نطمح في تحقيق هذه المساهمات؟ وما هي وما هو مدى طموحاتنا على المديين القريب والبعيد ؟
ولتفعيل الطموح فيما يتعلق بـ “القيم العليا” فلا بد أن تشمل، الإجابة على ما هي القيم التي تشكل لنا أهمية خاصة ؟ ما هي القيود والمثل العليا التي نرى ضرورتها لتوجيه مسارنا ؟ ما هي الخطوط المهمة في تصرفاتنا ؟ كيف نتعامل مع بعضنا البعض ؟ كيف نعمل بروح جماعية ؟ إن وجود الرؤية الواضحة يعمل على وضع المسار الصحيح في الحاضر والمستقبل. ويجب أن تكون الرؤية واقعية متماسكة، وفي نفس الوقت يجب أن تكون بسيطة لتلك الدرجة الكافية ليسهل تطبيقها بواسطة كل شخص في الدرجة التي يشغلها ووفق مسؤولياته. وبغض النظر عن تحقيق الأرباح المادية، فإن رؤية الشركات الطموحة يجب أن تشمل خدمة المجتمع وكل الأفراد والجهات ذات الصلة العلاقة بالشركة. إن توافر الطموح لإدارة الشركة، والذي يتمثل تحقيقه عبر الالتزام بتنفيذ النقاط أعلاه، يجب أن يكون متبوعا بالتطبيق السليم حتى يبقى هذا الطموح مستمرا نافذا، وذلك عبر التواصل المستمر مع كل الجهات ذات الصلة. وهذا الأمر يتم بالتواصل عبر المؤتمرات الداخلية التي يتم فيها طرح الأفكار الطموحة للشركة وتبادلها ليتم تطويرها وبلورتها للتطبيق الأمثل لتحقيق الغاية. وبعد ذلك تقوم كل دائرة في الشركة بصياغة الأهداف “الطموحة” النابعة من اختصاصاتها مع توضيح كيفية التنفيذ والتنسيق مع الدوائر الأخرى في الشركة وبطريقة تسعى لتوفر “الهارموني” بين الدوائر والاختصاصات. هذا مع مراعاة عدم الاكتفاء فقط بصياغة الأفكار بل لا بد من توافر القناعة والعمل على تنفيذها مع العمل على مراعاة أن تتضمن كل الأفكار الحالية وكذلك المستقبلية. ولتحقيق هذا التوجه، لا بد من الأخذ في الاعتبار آراء العاملين لأنهم يعرفون بواطن الأمور وكيفية الارتقاء بها لتحقيق الطموحات.
إن وجود “الطموح” يفتح الآفاق للشركة ويكون الدافع القوي لتطبيق حوكمة الشركات للوصول لتحقيق المراد على أفضل وجه. ومن دون شك، فإن إعداد مبادئ حوكمة الشركات وصياغتها على أفضل وجه لا يكفي وحده بل لا بد من وجود العزيمة لتفعيل الطموح بالشركة وطاقمها حتى تصل السفينة لبر الأمان. ولنزرع الطموح في الشركة حتي نجني أفضل المنتجات التي يتطلع لها المجتمع، ومن هذه المواقف يتم الامتثال الأفضل لمبادئ حوكمة الشركات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .