العدد 5059
الأحد 21 أغسطس 2022
banner
البحرين وطن التسامح والتعايش
الأحد 21 أغسطس 2022

من دون أدنى شك تخطو مملكة البحرين خُطى واسعة نحو ترسيخ ثقافة التعايش والتسامح لتصبح أنموذجًا يحتذى على مستوى المنطقة والعالم، نعم إنها كذلك، ليس من خلال الأطر المؤسسية التي أرسى قواعدها حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم فحسب، إنما عن طريق الطبيعة الإنسانية التي يتحلى بها شعب البحرين منذ المهد من التاريخ وحتى يومنا هذا أيضًا.
لقد ترسخت تلك الثقافة واتضحت معالمها في احتضان المملكة الفتية للمسجد بجوار الكنيسة، وللكنيسة بجوار الدير، وللدير بجوار المآتم التي زخرت بالمناسك خلال أيام عاشوراء العظيمة.
ولعل في تلك الأنشطة التي دعا إليها مركز الملك حمد للتعايش والتسامح بالتعاون مع جامعتي أكسفورد وكامبريدج البريطانيتين العريقتين ما يؤكد على أن التعايش والتسامح هو ثقافة شعب، وديدن إنساني مستحب، وسلوك بشري يقرب الأمم والثقافات، إنه ممارسة ومنسك، أسلوبا حياة وطريقة مواكبة لكل ما هو جديد، وكل ما هو رحيم.
مركز الملك حمد للتعايش والتسامح بمنظومته الطالعة حديثًا جاء ليرسي معالم وملامح مبدئية لم يكن لتأطيرها وتشريعها ذلك الوجود الذي كان لابد من استخراجه حتى يثمر، وكان لابد من توفير المؤسسة الضابطة له لكي يبقى ويعيش.
من هنا جاءت تلك الأنشطة لكي تعرف أمة بني البشر أن بالبحرين فلسفة تقوم على القبول بالآخر، وأن بالبحرين رجال أشداء يحملون هموم البشرية المترامية في رقابهم، وأن بالبحرين مبادئ وقيم أصيلة لم تخرج للوجود في التو واللحظة، لكنها كانت ومازالت إنجابًا تاريخيًا لممارسات وسلوكيات شعبية متوارثة عبر الزمن، ومتطورة حتى تواكب احتياجات كل مرحلة، ومتفاهمة مع الواقع ومتصالحة معه حتى تستجيب لرغبات ومناسك الشعوب وتصبح البحرين قبلة كل إنسان قابل للعيش تحت مظلة التسامح والتصافح مع سائر الأمم وكيانات الكون.
إن مملكة البحرين أصبحت القبلة المفضلة للأجانب للعيش في سلام، للعمل بكل هدوء، والتعليم والتعلم بكل أريحية، هذا ما يشجعنا مرارًا وتكرارًا على أن تصبح مملكتنا الفتية بوسطن الخليج، ذلك المكان الذي يحتضن سائر الثقافات ويتعامل مع مختلف القوميات، ويقبل بجميع الشعوب على اختلاف ألوانها وأعراقها وعاداتها وتقاليدها وأديانها وطوائفها.
هو وطن المحبة والسلام، وهو الوجهة المفضلة لكائن من كان، والطريق الأسهل مرورًا من بين سائر المناطق والأقاليم، لدرجة أن مملكة البحرين ومنذ سبعينات القرن الماضي نجحت وأبهرت العالم عندما أصبحت جسرًا شديد المرونة والثبات لمرور الأموال بين الشرق والغرب، وشمال المعمورة وجنوبها، وأصبحت مركزًا ماليًا ومصرفيًا عالميًا ومؤسسيًا تنتقل من خلاله الخدمات المصرفية والمنتجات اللوجستية والأفراد من وإلى المنطقة.
هذا الأمر يترجم إلى أي مدى كانت البحرين ومازالت وطنًا للجميع، لكل منشد لحياة أفضل وعالم أجمل وفرص حقيقية في العمل والعبادة وإبرام الصفقات والاطلاع على الحضارات القديمة.
هي البحرين وهي أقاليمها الممتدة من الرفاع بقلاعها إلى باربار بمقابرها التاريخية إلى سار وعراد والمحرق بآثارها وتراثها الإنساني العريق.
أنشطة مركز الملك حمد للتعايش والتسامح يأتي هذه المرة متوائمًا مع جامعتي أكسفورد وكامبريدج، هنا يمكننا التبشير بأن المركز قد اكتسب صفة علمية حضارية يتمكن من خلالها بعون الله من نقل ثقافة التعايش والتسامح إلى مناهج أهم الجامعات العالمية، وإلى عقل المنظومة التعليمية التي تمتلك نشر هذه الثقافة على كل حدب وكل صوب.
البحرين وطن التعايش والتسامح، هذا حق، وهذا يقين من الأمس البعيد إلى يوم الدين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية