+A
A-

مخرجون بحرينيون تميزوا برسم الطريقة الناجحة للممثل

كتب المخرج الروسي دانتشكو يقول عن وظيفة المخرج أن لها ثلاث مهمات: أولا المخرج المترجم وهو الذي يوضح كيف يكون التمثيل ويمكن أن نسميه أيضا بالمخرج الممثل أو المخرج المربي، إذ يحل المشكلات المتعلقة بالتكوينات الفنية عند الممثل. ثانيًا المخرج العاكس وهو الذي يعكس للممثل الإحساسات والانفعالات ويعيدها إليه ليقوم الممثل بتمثيلها، وعلى المخرج العاكس أن يحس بإمكانيات الممثل وأن يعطيه من نفسه أثناء التمثيل ما يعينه على التعمق في دوره والأخذ بناصيته ثم يظهر كل هذا في دقة بإرادة الممثل، وليس بالقوة التي يفرضها المخرج، ولكن بالحسنى والملاطفة. ثالثًا مخرج العرض المسرحي ومنظمه وهو الذي يتحمل كل أعباء المسرحية وينظر إلى كل مرحلة فيها نظرة تمعن وأن يحاول كل جهده ربط شخصيات الرواية في وحدة فنية.

امتازت المدرسة الحديثة في الإخراج بأنها قد كشفت عن مدلولاتها منذ أول الطريق، هذه المدلولات التي حددت بدقة العلاقات المختلفة بين المخرج والكاتب المسرحي والممثل والمتفرج، وبهذه الوحدة استطاع "ستانسلافسكي" أن يشق طريق مدرسته المسرحية، هذه الطريقة التي حددت أن العرض المسرحي وحدة فنية لا يمكن أن تتجزأ، وعلى هذا كان العرض المسرحي يصور حقيقة الحياة، فإدراك المسرح ومغزاه يتأتى من الموضوعية المسرحية وشكل هذه الوحدة الفنية.

عبدالله السعداويفي ساحتنا الفنية المحلية هناك مخرجون تستمتع بمشاهدة أعمالهم المسرحية، ليس بسبب تغلبهم على الفجوات الموجودة في النص إن وجدت طبعا، ولكن بسبب تميز بصيرتهم الدرامية بالتركيز على الجوهريات ودقة الشكل الفني وترابطه، ورسم الطريقة الناجحة للممثل، مثلهم مثل "ستانسلافسكي" الذي تبدأ مهمة الممثل عنده بالبحث عما يطلق عليه ببذرة المسرحية، فيزرعها في عقل المتفرج ويتعهدها بأدائه لتنمو وتصبح نبتا فنيا ناضجا، وأحد هؤلاء المخرجين الفنان الكبير عبدالله السعداوي الذي يتميز بمطالبته المتفرج نسيان أنه في المسرح والعيش في روح وعقل وأحاسيس الممثل، فالخشبة ليست مهمة عند السعداوي، كما أنها ليست موطنا للتجارب، المسرح عنده الفضاء الفسيح.. سوق.. شارع.. طريق.. وفي هذه الأماكن المفتوحة تقوم الصراعات بين الشخصيات وهذا أقوى ما يمكن أن يحققه المسرح للمتفرج والفن.

السعداوي يجد الراحة في الفضاء المفتوح وليس في المسرح التقليدي، وعندما حضرت شخصيا مسرحية "القربان" مأساة الحلاج في موقع قلعة عراد قبل سنوات، كان المكان وشاعريته يساعد الممثل في أن يعيش الدور وما يحيط به، كان بمثابة قوة مؤثرة توجه الممثل للتركيز بعيدًا عن التوتر والارتباك كما يحصل على خشبة المسرح.

السعداوي يدرس الممثل من قمة رأسه إلى أخمص قدميه.. يعرف طريقة تفكيره وتذوقه للأشياء ومدى تجاوبه وإحساسه مع العالم من حوله.

مخرجنا الثاني هو الكاتب والناقد القدير يوسف الحمدان، المتدفق بالحيوية النادرة والعشق للفن، وحامل لوحة التجديد في تشييد البناء المسرحي. الحمدان يمتلك طريقة عجيبة لتحفيز الممثل في كل الأوضاع والظروف، ما يجعل الأداء خروجا كاملا عن المنهج التقليدي.

والثالث هو الفنان والمخرج جمال الصقر الذي لديه منهج خاص في الارتقاء بمستوى أداء الممثل وكيفية التغلب على هفواته، فهو يمتلك تكنيكًا ساحرًا لكل خطوة يخطوها الممثل على الخشبة.

خالد الرويعي

والرابع هو الفنان خالد الرويعي الذي يسير على قاعدة ثابتة وهي أن الممثل العظيم هو الممثل الملهم، والذي يستطيع أن يلتمس شيئا جديدًا في كل مرة يلعب فيها الشخصية.

والمخرج إبراهيم خلفان الذي يأخذ دوما الجيد وينبذ ما لا يتماشى مع روح العصر، وعندنا كذلك المخرج القدير خليفة العريفي الذي يمتاز بخلق إيقاع معين في نفس الممثل ومعرفة ما يريد توصيله إلى الجمهور، ولا ننسى أيضا عبدالله ملك بذكائه وفهمه وكيفيه تحويله خشبة المسرح بالنسبة للممثل إلى حياة تنبض، وهناك أيضا المخرج عبدالله البكري بمعالجته الجديدة من حيث الشكل والتفسير، وهناك أسماء أخرى لامعة تمتلك الوعي والفكر والإحساس منهم القدير عبدالله يوسف، وحسين العصفور، وجمال الغيلان وطاهر محسن، وعبدالله سويد والراحل إبراهيم بحر ،وآخرون.

كل هؤلاء الأصدقاء المخرجين يدركون روعة وعمق المسرح الذي يحبونه وكل منهم يحلم بشيء ما استنادا إلى تجاربه في الحياة، ولا أعتقد أن ما أقدمه فيه الكفاية، ولكن قد يكون مقدمة لدراسة في موضوع جديد لم يسبق أن رأى النور من قبل للمشتغلين بالمسرح.

حسين العصفورخليفة العريفي