في الحقيقة، ازددت حماسًا لكتابة هذا الموضوع بسبب السؤال الذي راودني: “كم صورة سلفي سيتم التقاطها اليوم بمناسبة عيد الفطر السعيد؟” أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات، والصور المميزة التي تخلد ذكراكم طيبًا وسعادة.
إن حداثة هذا الموضوع أعزائي القراء هو أن صور السلفي تعد ظاهرة عالمية يستخدمها الصغار والكبار، حيث نشر باحثون من جامعة بامبرغ في ألمانيا دراسة علمية حول الصور الذاتية لمعرفة زاوية التصوير الجيدة والطرق المثلى لالتقاطها، وتأثيرها على المتلقي والانطباع الخاص بمن يشاهدها، والكثير مما يترتب عليها من مشاعر وارتباطات، وغالبًا ما تسند هذ المهمة لشخص معين في مجموعة ما، والسبب إتقانه طريقة الإمساك بالهاتف وزاوية التصوير، لذلك فهي مهارة تحتاج إلى إتقان استخدام كاميرا الهاتف النقال للتصوير “السلفي”، وحيث تم تداول هذا المصطلح بالإنجليزية فلا نجد من يقول “الصورة الذاتية” كما هي باللغة العربية، أو “الصورة الشخصية” التي يقوم صاحبها بالتقاطها لنفسه.
لذا الجميع يستمتع بلحظات التقاط صورة السلفي في كل مناسبة وسواها باختيار زاوية التصوير المناسبة والحالة التي يتم فيها التقاط الصورة، لتأثيرها الكبير على المشاهد، وهذا أمر في غاية الأهمية، حيث سيجعل من مخترعي السلفي الفرنسيين لويس داجير وجوزيف نيسفور في غاية السعادة لو كانا من الأحياء.
أعزائي، كل ما سبق صحيح ومؤثر بدرجة كبيرة، وحيث اننا نسعد بتوثيق اللحظات الجميلة ونشتاق لتذكرها، لكنها تختلف من شخص لآخر، فإن زُينت أنفسنا من الداخل بانعكاسات تظهر الفرح وتبعث الطمأنينة في كل لقطة سلفي، ففي كل مشهد يستطيع الفرد المتحمس أن يجسد أروع الصور لنفسه، خصوصا إن أيقنا أن تلك الظاهرة في واقع حالها وسيلة لتفسير الحقيقة وفق مراحل نفسية لها مدلولات وانعكاسات.. وعليه ابحثوا عن الندرة والذين لا يميلون للتصوير الذاتي فهم في مرحلة خطرة تستوجب التدخل والمساعدة.
لذا فإن حقيقة السلفي من وجهة نظري هي توثيق للحالة التي يرى الشخص نفسه من خلالها، فلن يلتقط صورة إلا وهو متيقن من انبعاث مشاعر متينة مع نفسه تتراكم بزخم اهتمامه بهذه الظاهرة والتوثيق من خلالها.. هكذا تبنى الصورة الحقيقية للشخصية التي لا تتلون ولا تتظاهر إلا كما في الواقع.