العدد 4850
الإثنين 24 يناير 2022
banner
الحربُ الفيروسية الثانية
الإثنين 24 يناير 2022

اندلعتْ الحربُ الفيروسية الثانية بعد أنْ ذاقَ الناسُ طعم الأمن والسلام لبرهةٍ حسبوها أدهراً؛ فطبَّعوا الأحوال وأعادوا بناءَ ما دمرتهُ الحربُ الفيروسية من علاقاتٍ أسرية وصداقاتٍ شلَّتها ألغامُ الفيروس الأب، ليُتِمَّ “أوميكرون” الابن ما بدأهُ أبوه وبوتيرةٍ أعلى وقدرةٍ أكبرَ على التدمير ليشمل البشر على اختلافِ أعمارهم وأماكن تواجدهم.


الحربُ خُدعة، وقد خَدَعنا الفيروس الذي أمدَّ نفسه بسلالاتٍ متطورة ومتحورة، هي الأسرعُ انتشاراً من قادتها على ساحاتِ الكرة الأرضية قاطبة، وربما تكون بعضها أكثرَ فتكاً وأشملَ دمارا، فهل يُلامُ الناسُ لأنهم توسموا الخيرَ ولاذوا بالأمل لتستمرَ وتيرةُ الحياة ولتعودَ الأحوالُ لسابق عهدها ويعمَّ الأمانُ وتنتعشَ العلاقاتُ الاجتماعيةُ والاقتصادية والدولية من جديد، ثم يُباغتون بقصفٍ فيروسي خاطف على خلافِ التوقعات؟


لا نستطيعُ القول إننا براءٌ من تبعاتِ انتشار فيروس كورونا المتحور، وإننا لم نساهم في تفشي أوميكرون، لكن رغبتنا في عودة الحياة ومعرفتنا بضعف المتحور عن سابقه، والمعلومات المتضاربة التي تصفُ بعضُها الفيروس الجديد بأنه سريع الانتشار والأقل شدة، وسريعِ العدوى والأكثر فتكاً، جعلنا لا نثقُ فيما يصلنا من معلوماتٍ من هنا وهناك؛ فما يصلنا من تصريحات من منظمة الصحةِ العالمية يدحضُ بعضهُ بعضاً، فيضعُنا في حالةٍ من الإرباكِ والتخبطِ لا يقطعُها سوى الوقوعُ فريسة الوباء لنختبرَ فتكهُ وسرعته ، وعندها يكون الأوانُ قد فات بعد أنْ يتفشى الفيروس بين العشرات في تجمعٍ ما.


الأرقامُ في تسارعها المخيف، تعيدُ للواجهة ما جرى قبل عام حين تفشى كوفيد ١٩ بين الناس وأوقع مئات وآلاف الضحايا في شرق الأرض وغربها، حتى لم تعُدْ تسعهم المشافي ولا مراكزُ الحجر، ووقف الطاقم الطبي على قدمٍ وساق بهمةٍ عالية لاحتواءِ الأزمة وإنقاذِ المصابين من المرض المميت، وبروحٍ مثقلة عند رؤيةِ ضحايا الفيروس وهم يرحلون كل يوم. إنَّ هذه الذكرى تنفعُ المؤمنين الذين يجبُ عليهم أنْ يتعاونوا على ضمانِ السلامة للجميع، عملاً بواجبهم الديني والوطني والاجتماعي في المحافظة على حياتهم وحياةِ الآخرين من حولهم، والحلُ يكمنُ في وقف التجمعاتِ مجدداً والبقاءِ في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة، حتى نسمعَ أبواقَ نهايةِ الحربِ الفيروسية الثانية وقد وضعتْ أوزارها بإذن الله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .