بحسب تقديرات “بي. إن. إيه. إف” وصلت مبيعات الديون المستدامة ــ بما في ذلك السندات الخضراء ــ إلى (1.3 تريليون دولار)، ويتوافق ذلك مع رأي “معهد التمويل الدولي” بأن “الإصدارات العالمية للديون المستدامة التي تجمع لأغراض بيئية واجتماعية في طريقها لتجاوز تريليون دولار هذا العام ــ 2021م، وتهيمن عليه السندات الخضراء”، وهي السندات المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية أو المناخ أو أهداف الاستدامة التي أصبحت أكثر شعبية، وقد تسببت أزمة كورونا بضائقة ديون متزايدة للعديد من الدول، فما هي الديون المستدامة؟
الديون المستدامة تعني أن “سياسة الإنفاق والاستدانة التي تطبقها الدولة لابد أن تصاغ على النحو الذي يضمن عدم اضطرار الدولة إلى التوقف عن خدمة دينها أو تعثر خدمته”، ما يجعل الدولة قادرة على الوفاء بالتزامات خدمة الدين العام الحالية والمستقبلية بدون اللجوء لطلب إعادة جدولتها أو شطب جانب منها أو التوقف عن سداد مستحقاتها وعدم جعلها تتراكم (الديون وفوائد تأخيرها)، ولتحقيق ذلك لابد من امتلاك الدولة موارد مالية للوفاء بها وبمتطلبات الاستثمار والنمو الاقتصادي، وإن لم تمتلك الدولة الموارد المالية المطلوبة سيؤثر ذلك حتمًا على الأفراد والاستثمار والنمو الاقتصادي، وهي مشكلة أصبحت تؤرق الكثير من الدول بما فيها الدول الصناعية، ما يؤدي إلى انخفاض القدرة المالية الحقيقية للدول على خدمة ديونها على المدى الطويل، وأحد أسباب ذلك ارتفاع الإنفاق العام، ما يُسبب عبئًا على المالية العامة للدولة حاضرًا وينتقل عبئه للأجيال القادمة، ما يؤثر على مستويات رفاهيتهم، وقد يكون للدين العام للدولة أو عجزها المالي أثر إيجابي عندما يتم الإنفاق على رفع معدلات التوظيف وتقليل البطالة، وفي إنشاء مشاريع تنموية تسهم في رفع معدل النمو المستقبلي للاقتصاد، أو بالإنفاق على الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد لترفع مستوى كفاءته.
وتذكر الدراسات الاقتصادية المالية أن “استدامة الدين العام بين الدول يختلف بحسب قوة الهيكل المالي للدولة وديناميكية إيراداتها وبحسب فترات الدين العام ونوعه ــ داخلي أو خارجي”، وتشير إلى أن “أكثر المؤشرات استخدامًا لقياس استدامة الدين هو نسبة الدين أو القيمة الحالية له إلى الناتج وإلى الصادرات وإلى الإيرادات العامة”، وقد يتم قياس المؤشرات من خلال “قياس نسبة مدفوعات خدمة الدين إلى الناتج والصادرات والإيرادات العامة، وهي مؤشرات تربط بين الدين والقدرة على سداد التزاماته”.