العدد 4784
الجمعة 19 نوفمبر 2021
banner
فيسبوك والنظرة الجديدة للتقنية
الجمعة 19 نوفمبر 2021

قامت شركة فيسبوك قبل أيام باستخدام اسم جديد، وهي خطوة تحمل مخاطر عالية بالنسبة لقطاع الأعمال، لأن عدم تقبل الاسم الجديد قد يعني الانهيار والنهاية، وهناك أمثلة عديدة. وكما تبين، أن لديهم نظرة جديدة للعمل ويريدون من خلالها إقامة عالم افتراضي مواز للعالمين الواقعي الحالي والافتراضي القائم على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. وحسب رأيهم، فإن العالم الجديد سينقل الفرد من مستخدم للإنترنت إلى جزء منه. وأكيد هناك فرق كبير بين الحالتين، كالفرق بين النهار والليل.


الاسم الجديد سيكون للشركة الأم، ولكن اسم فيسبوك كـ ”موقع” تواصل اجتماعي سيبقى كما هو، مثل “أنستغرام” و ”واتساب” المملوكة للشركة. والشركة الأم فقط هي التي ستحمل اسما مختلفا عن اسمها الحالي “فيسبوك” وذلك ليعكس مستقبل عمل الشركة حسب نظرتهم الجديدة للتقنية. وكل هذه الأمور بالطبع لا تخلو من النظرة الثاقبة البعيدة لمزيد من الأعمال وتكديس الأرباح والسيطرة على الأسواق وإغراء جيوش المستهلكين بمختلف طبقاتهم وأفكارهم، وهكذا يغيرون العالم.


ولا يخفي، أن “فيسبوك” ظلت منذ فترة تواجه تحقيقات حول فضائح متعلقة بمنصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها. والفضائح تتضمن تسريبات وثائق داخلية عن فيسبوك سربت لصحف أميركية والكونجرس، وهيئة الأوراق المالية والبورصات، ومنها قول موظفة أن الشركة تسعى جاهدة للربح وتضعه في المقام الأول على حساب المستهلك. وكذلك هناك الأخطاء الفنية والتي نجم عنها قبل فترة انقطاع عمل الشركة في كل منصاتها عن العمل لساعات متواصلة وبسبب الأعطال خسرت الشركة المليارات خلال ساعات في يوم واحد.


لذا، وضمن أسباب أخرى، يرى مالك الشركة أنه من المهم تغيير الاسم خصوصا الشركة الأم، حتى لا تكون هناك تأثيرات سلبية على شركاتها الفرعية (فيسبوك، أنستغرام، مسنجر، واتساب). وتم اختيار اسم”ميتافيرس”، لأسباب عدة يرونها وحدهم، وهو في حقيقته يمثل عالما افتراضيًّا يدخل إليه الأفراد من خلال نظارات معينة، وينتقلون افتراضيا للعمل من أي مكان في العالم، وممارسة حياة وبناء مجتمع قائم على العلاقات الافتراضية تحت خيمة واحدة كبيرة.


وبحسب الخبراء، فإن النظام الجديد، لن يقيم فقط عالما موازيا، لكنه سيكون مجتمعا استهلاكيا بامتياز يلتقي فيه المنتجون والمستهلكون في نفس العالم، بعيدا عن العالم الواقعي. وعبر الإنترنت يتحول الأفراد من مستخدمين للإنترنت إلى الدخول فيه. وهذا فعلا سيشكل طفرة تقنية هائلة لأن الميتافيرس لديها القدرة على المساعدة في الوصول إلى فرص إبداعية واجتماعية واقتصادية جديدة. وأعلنت فيسبوك، أنها ستوفر الوظائف الجديدة لذوي المهارات العالية للمساعدة في بناء الوضع الجديد. ولا ندري إلى أين سيقودنا هذا العالم الجديد؟. مع العلم، أن “ميتافيرس” مصطلح يستخدم لوصف العوالم الرقمية التي يمكن أن يتفاعل فيها العديد من الأشخاص في بيئة ثلاثية الأبعاد.


وما يهمنا هنا هو الانعكاسات القانونية لهذا الوضع الجديد الذي سننتقل له جميعنا شئنا أم أبينا لأنه سيكون القدر المحتوم على الجميع. وبما أن المستخدم سيكون جزءا من الانترنت فكيف تكون العلاقات القانونية ومن يتحمل المسؤوليات والتبعات عن الأعمال التي تتم خصوصا أن الجزء غير منفصل عن الأصل. وهذه مسائل قانونية تحتاج للدراسة والتمحيص من الآن وإلا سيقع الفأس على الرأس وسيكون هناك ضحايا بلا عدد ماديا ومعنويا.
إن التقنية أمر ضروري في عالمنا المعاصر وهي أصبحت واقعا معاشا وملموسا ولا فكاك منها، ولكن علينا دراسة العواقب لوضع الحلول القانونية المناسبة لكل حالة لتستمر التقنية في أطر قانونية سليمة تحمي الجميع. وحينها نقول، ألف مرحب بالتقنية في عصر التقنية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .