العدد 4763
الجمعة 29 أكتوبر 2021
banner
الإغراق التجاري
الجمعة 29 أكتوبر 2021

من أهداف منظمة التجارة العالمية، دعم التجارة العالمية في ظل تنافس تجاري سليم و “شريف” يحقق العدالة لجميع الأطراف سواء دول التصدير أو الاستيراد وأن يكون رأس القائمة في جميع الأحوال المستهلك وحمايته عبر توفير الميكانيكية اللازمة للمنافسة التجارية السليمة والعادلة.


ولتحقيق هذا الهدف قامت منظمة التجارة العالمية بإصدار تعليمات لمكافحة الإغراق التجاري الذي يعمل على هدم المنافسة التجارية السليمة. وعلى الرغم من أن المنظمة أصدرت هذه الأحكام منذ مدة إلا أن الواقع به مشكلات في موضوع الإغراق وكيفية التعامل معه. وهذا الوضع ينجم بسبب التباين في المواقف بين الدول خصوصا الغنية والدول الأخرى التي تعرف بدول العالم الثالث أو “الاقتصاديات الناشئة”.


وقامت دول بطرح مقترحات لتشديد الضوابط المتعلقة بإجراءات التحقيق الخاصة بالإغراق التجاري؛ بهدف جعلها صعبة خاصة بالنسبة للحكومات التي ربما ترغب في إساءة استخدام الرسوم التعويضية. وهناك مقترحات لإجراء تغييرات على الاتفاقية لإمكان الإلغاء التلقائي لرسوم مكافحة الإغراق كل 10 سنوات بعد فرضها، ومقترحات تنادي بإلزام سلطات التحقيق بأخذ آراء الصناعيين والموردين إضافة للهيئات المختصة ومنظمات المجتمع المدني الخاصة بحقوق المستهلك. وهناك اقتراحات بالنظر في الممارسات المتعلقة بنظام طريقة حساب رسوم الإغراق؛ لأن البعض يرى أنها غير قانونية، وهذا أمر خطير. كذلك هناك اقتراحات بوضع تدابير محددة ضد محاولات التحايل على رسوم مكافحة الإغراق وضرورة العمل على إنشاء نظام جديد.


اعترضت الولايات المتحدة الأميركية من جانبها، ومعها من الدول من يدور في دائرتها، بشدة على المقترحات التي تنادي بإجراء تغييرات جوهرية في اتفاقية مكافحة الإغراق خصوصا فيما يتعلق بالمطلب الخاص بإنهاء رسوم مكافحة الإغراق. وفي نظر الولايات المتحدة، فإن الأحكام في الاتفاقية فعالة في مواجهة الإغراق ومحاربته للدرجة الكافية، وليس هناك مبرر للتعديل.


تباين المواقف واضح بين العديد من الدول فيما يتعلق باتفاقية مكافحة الإغراق التجاري وكيفية التعامل معها. وهذا التباين، في الغالب، يعود للمصالح الخاصة بالدول وكيفية نظرتها للأمور من الوجهة التي ترى فيها مصلحتها ومصلحة شركاتها وصناعتها الوطنية وما تقوم به من “لوبي”.


ووفقا للاتفاقية، فإن الإغراق يحدث إذا قامت شركة بتصدير منتج بسعر أدنى من سعر بيعه في سوق البلد المصدر أو أقل من سعر تكلفة إنتاجه، وألا يكون البلد المستورد منتجا لهذه السلعة حتى إذا كان البلد منتجا لها، فعليه أن يثبت أن وارداته الأجنبية من هذا المنتج تضر أو تهدد بإلحاق الضرر بمنتج مماثل مصنوع محلياً. إذا حدث هذا الوضع فإن ما تم يعتبر “إغراقا تجاريا” وفق الأحكام الواردة في الاتفاقية.

ولكن هل هذه الممارسة تشكل منافسة تجارية غير مشروعة؟ وللإجابة على التساؤل يحدث الخلاف والتباين في الأفكار، وهذا يعود بصفة أساسية إلى أن الاتفاقية لا تنص على أحكام فنية صارمة وواضحة حول الإغراق، وما كنه هذا الإغراق.


ومن هنا تبرز المعضلة في كيفية التطبيق لأحكام الاتفاقية التي تعض عليها منظمة التجارة العالمية بالنواجذ وتتمسك بتلابيبها الدول المستفيدة من المعطيات الحالية.

وهذا الوضع النشاز المستمر لسنوات عدة من دون شك يحتاج لوقفة مواجهة صريحة والنظرة المنطقية من الجميع مع التجرد التام من الأنانية، خصوصا إذا كانت هناك رغبة حقيقية لدعم التجارة وفق الأسس العادلة بين دول الشمال والجنوب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .