العدد 4777
الجمعة 12 نوفمبر 2021
banner
في ذكرى رحيل “الرئيس”
الجمعة 12 نوفمبر 2021

لم يعد لعمود “مجلس الرئيس” بعدك ذكر، فمجلسك المهيب وعالمك الحبيب يعودان كل عام في الذكرى السنوية العطرة لرحيلكم، وفي عيون الذين يتذكرونكم بالدموع كلما خيمت روحكم الطاهرة على الوجدان، وكلما اقتربنا من منجزاتكم التي ملأت الدنيا فرحًا وازدهارًا، ليلًا ونهارًا، تمر ذكرى الراحل الكبير رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان طيب الله ثراه، والأمة تعيش أفكاركم وتحاول أن تحقق أحلامكم، وتسعى بما أُتيَت من عزيمة وإرادة الرجال لكي تكون على مستوى توجيهاتكم السديدة، وإشاراتكم الثاقبة، فلطالما شددتم على أيادينا: انتبهوا أيها الرجال، كونوا على أهبة الاستعداد، ضعوا أيديكم في أيادي بعضكم البعض، ولا تفرقوا، ولا تنقسموا، ولا تنفصموا، كونوا صفًا واحدًا لا يفرقكم فكر دخيل، ولا عدو ثقيل، ولا شعارات من أي نوع.
إن وطننا الغالي في البحرين، ومملكتنا الفتية التي تم إخراجها من الظلمات إلى النور، ومن التردد إلى الحزم والجسارة، ومن التراجع إلى التقدم والازدهار، ليتذكر كلماتكم يا صاحب السمو، ليعود معكم إلى كلمة سواء، إلى أمل كنا نتمنى أن يعيش بيننا إلى أبد الآبدين، فكان لنا ما نريد، رحلتم فقط بجسدكم، ولكن روحكم ستظل عامرة بالإيمان في قلوبنا، وبالخلود في حاضر وقادم أيامنا، وبالعزة والكرامة والإباء في الصعب من مرتجانا والعسير من أحلامنا.
لقد كان مجلسكم العامر - فقيدنا الكبير - بمثابة المنتدى الوطني الحافل، البرلمان العربي الكبير، المجلس الإنساني الذي يضم البعيد والقريب، المفكر والإعلامي والمسؤول والتاجر والأكاديمي والدبلوماسي، جميعهم وجهًا لوجه في معية حضوركم المهيب، وفي جلسة لا تخطئها عين، الجميع يتحدثون بحرية وانطلاق، بوطنية واستباق، بإيمان كبير بأن ما يستمعون إليه من “الرئيس” سيظل صنوانًا في النفوس، ووعيًا في الرؤوس، وعلامة إجادة على الطريق.
ما زلت أتذكر من بين ما أتذكره وأنا في حضرة مجلسكم الكريم أن كلماتكم لي بضرورة أن يكون لرسالتنا الإنسانية في التنوير بُعدًا جديدًا، فكم تحدثتم إلينا بإيمان مطلق بضرورة نقل مشاهداتنا في سفراتنا المكوكية لبلدان العلوم والحضارة إلى بلادنا البحرين، وكم أتذكر يا فقيدنا الغالي كم كنتم حريصين على أن نعود والديار ونحن محملون بأمهات العلوم والفنون والآداب والتكنولوجيا الفارقة الحديثة، وكم أتذكر يا سيدي الرئيس وأنتم تشدون على أيادينا ونحن نلتقي على عجل، مؤكدين أنه من سار على الدرب وصل، وأن الأمم التي انشقت عن تراثها وشعبها وتاريخها وعاداتها وتقاليدها، كان مصيرها التقسيم والهزيمة والنكران من جميع الأمم، وأن الشعوب التي التزمت الحذر وتمسكت بوحدتها الوطنية، وقوتها الجماعية، وإيمانها بالله والقيادة والوطن ما زالت تعيش أزهى عصورها وأبهى لحظات تفوقها وأدق لحظات ازدهارها.
ما زلت أتذكركم يا صاحب السمو وأنتم تتابعون خطواتنا ونحن نؤسس الجامعة الأهلية، وكيف أنكم ساندتمونا لآخر لحظة حتى نعبر المضائق والشدائد والتحديات، وأن نكون على مستوى الصعاب والإنكار والمتغيرات، وكيف أنكم وفي أدق اللحظات والمفترقات كنتم تشجعوننا على أن نبدأ من جديد، وأن نصر على مواصلة المشوار الطويل، وأن نتمسك بالعلوم والبحث وخدمة المجتمع حتى نصبح في مصاف الجامعات المرموقة في العالم المتغير ما بعد الحديث.
و.. ما زلت أذكركم بالدموع يا فقيدنا الغالي ويا أبانا الذي علمنا كيف نقف كما النخيل في وجه رياح المرحلة، وكيف نواجه العاصفة مرفوعي الرأس، لا يهزنا عدوان، ولا ينال من عزيمتنا كائن من كان، ولا تأخذ من قوتنا وإيماننا وعزتنا أزمة من هنا وكارثة من هناك.
لقد كنتم يا صاحب السمو مثلًا يحتذى في الحنو والحنان، على المساكين والمحتاجين وكل من يطرق بابكم، فكنتم إلى الخير سباقين، وإلى العطاء متقدمين، وإلى البناء والفداء في مصاف القادة النجباء والزعماء الأوفياء وأبطال الوطن الأتقياء.
إننا وفي هذه الذكرى لا نملك إلا أن نتقدم لعائلتكم الغالية بأحر التعازي وصادق المواساة واستحضار الذكرى، سائلين المولى جل وعلا أن يتغمدكم بواسع رحمته ورضوانه ويسكنكم فسيح جناته ويلهمنا جميعًا جميل الصبر وجليل السلوان، وفي مقدمتنا أنجالكم الأوفياء نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة وسمو الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وأحفادكم النجباء محافظ المحافظة الجنوبية سمو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة وسمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة وكل أفراد العائلة الكريمة، لن ننساكم ما حيينا يا خليفة الخير، فنحن لكم ولعطاءاتكم وجميل محياكم، وبهي عطاءاتكم، إنا لمخلصون، “وإنا عليكم لمحزونون”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية