العدد 4725
الثلاثاء 21 سبتمبر 2021
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
في سباق الذات
الثلاثاء 21 سبتمبر 2021

يختلف العلماء والباحثون في تعريفهم "مفهوم الذات" وإدراك الذات علميًا وعمليًا، وظهرت الكثير من التحليلات التي تتحدث عن مراحل تطور الذات البشرية بوصفها تسير في خط السباق والمنافسة، وكأنها في تحدٍ وصراع ذاتي.
وهنا يتضح أن تعريف الذات يتعرض إلى اختلافات واقعية في مواجهة التجربة والبرهان، لكن الرائع في الأمر عندما ربط الباحثون تجسيد مفهوم الذات في الإجابة عن السؤال "من أنا؟"، في الحقيقة توقفت كثيرًا عند ذلك السؤال، ورحت أتسابق مع نفسي للتعرف عليها أكثر وأكثر، وهذه دعوة لكم أيها القراء الأعزاء للمشاركة في السباق ذاته، لنرى من يصل أولاً وكيف.
ولنا أن نبدأ في استخدام مجموعة من المفاتيح التي تتيح لنا فرصة الدخول للنظر فيما وراء البعد، إذ تؤكد الدراسات أن مفهوم الذات يتكون من مستويين هما الهوية الشخصية والهوية الاجتماعية، وفي كليهما مراحل وأدوار اجتماعية متوقعة تساعد الشخص في معرفة ذاته وفقًا لتلك المراحل التي تتسع لتكون جاهزة للتفسير والتقدير، تلك المراحل تتخللها الكثير من المحطات التي تشكل مسار الشخص، وتتعدد المسارات في إطار العلاقة التي يشكلها الشخص بين العقائد والأفكار والأحاسيس والقدرات والاندماج الاجتماعي ومستوى الإنجاز والعطاء، فإن تصاحبت جميعها مع أعلى درجات تقدير الذات، فإنها عرفت معنى الحياة، وهكذا أرى أن الإجابة عن ذاك السؤال قد لا تتوافق إلا بسؤال آخر: هو "منْ تريد أن تكون؟".
إن هذا السؤال يذكرني بقصة شاب أعطاه والده ساعة قديمة ورثها عن والده، وطلب منه أن يبيعها بأفضل ثمن، وفعلاً توجه الشاب لعدة أماكن بدءًا من صاحب محل صغير ومن ثم محل أكبر وختمها بالمتحف الموجود في المنطقة، وفي كل مرة يتم تقييم الساعة بسعر مختلف بدءًا من دولارات قليلة، حتى وصل إلى المتحف وتم تقييمها بآلاف الدولارات، وفي كل مرة كان الشاب يعود لوالده مترقبًا السر في ذلك، حتى أهداه حكمة كالكنز له ولغيره "اجعل لنفسك قيمة في كل شيء، وضع نفسك دائمًا في المكان الصحيح، فمن يعرف قيمتك الحقيقية هو من يقدرك".

أعزائي القراء، ليس الاختلاف هنا بين مفهوم الذات وإدراكها ذا قيمة، إلا إذا وصلنا لقناعة تامة بمسؤوليتنا عن رسم خطة الاستثمار في ذواتنا، والتي تظهر مسؤولية بنائها على الشخص نفسه عندما يتقن اكتشافها وصناعتها، وذلك لا يكون إلا بالدخول في عالم اللحظة وقبول التغيير واستشعار السعادة في كل عمل يقوم به مقدرًا ذاته.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية