العدد 4653
الأحد 11 يوليو 2021
banner
الفريق الوطني.. شكرًا
الأحد 11 يوليو 2021

رغم كل شيء، جائحة تتحور، وباء ينتشر، عالم يقف على رأسه الطير، تمكنت مملكة البحرين من خلال آليات محكمة، وإجراءات صارمة، وبروتوكولات فاعلة من الخروج بالبلاد من المنطقة الحمراء للجائحة إلى المنطقة الصفراء للخطر، وكل التقديرات تشير إلى بلوغنا المنطقة الخضراء قبل نهاية الأسبوع المقبل على أكثر تقدير.

إنجاز يحسب للجنة التنسيقية برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وفريقه الوطني المحترف، ونتيجة غير متوقعة حققتها كتائبنا المرابطة على خط المواجهة مع الفيروس، عدو لا يرحم، لم يترك منطقة أو قارة أو نجع أو قرية إلا وداهمها، لم يستثن شعبا إلا وأصابه، وحدود إلا وقد اخترقها. إنه “كوفيد ١٩”، و “كوفيد كمان وكمان”، جاء إلينا من حيث لا نحتسب، من حيوان، أو نبات، أو جماد، لا ندري، ولا أحد يدري، أطل على العالم المهيض بوجهه القبيح منذ العام ونصف العام، ودخل إلى بيوتنا كضيف ثقيل الظل، حسبناه انفلونزا طارئة والسلام، أو “شوية” برد سوف تذهب إلى حال سبيلها، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فإذا بنا نجده يقتل، ويفتك ويترك عاهات مستديمة، ويغلق مدنا بل دولا وقارات بأكملها، فرض حظر التجوال على أمم متحضرة، وحدد إقامة دول متقدمة، وأجبر الدنيا على إعلان حالة الطوارئ في المستشفيات ومراكز البحث العلمي والمستشفيات، منع السفر على الناس، هشم قطاع السياحة وأصاب حركة النقل في مقتل، أعاد العالم الذي كان يعتقد أنه قادر على الدنيا قرونًا بعيدة إلى الوراء، فرق بين الأب وبنيه، بين الابن وأبيه، وبين الطالب والأستاذ، وبين كل دابة “أنت آخذ بناصيتها”.

ورغم بروتوكولات الاحتراز، وسباق الأمم والشعوب على إيجاد لقاح فتاك أو دواء فعال، ورغم ماراثون الإبداع في تسييس اللقاحات، وتوجيه فاعليته، ورغم إنتاج ما يقرب من عشرة لقاحات بأنواعها ومشتقاتها، إلا أننا وجدناه يفلت من كل لقاح، إما متخفيا في أشكال وصفات ومواصفات أخرى، وإما مهاجرا من قارة إلى قارة حاملا اسمًا جديدة وبطاقة تفشٍ مارقة، مرة حاملًا للقب مستعار باسم “ألفا” عندما حزم حقائبه وقرر الهجوم على بريطانيا العظمى، وأخرى باسم “بيتا” عندما وجد لنفسه مرتعا خصبا في أقصى بقاع القارة السمراء ليستوطن جنوب إفريقيا، ومرة ثالثة وهو يحمل بطاقة هوية مختلفة باسم مستعار جديد هو “جاما” ليخترق به حدود البرازيل، فيصيب ويفتك ويقتل مئات الآلاف في أسابيع قلائل، ثم يتجلى أكثر فأكثر عندما ارتدى ثوب المهراجا حاملا معه شكلا ومضمونا ورسائل ووسائل انتشار جديدة، ليقتحم الهند تحت اسم مختلف وهوية مختلفة وطرق عدوى وأعراض مختلفة وذلك عندما اخترق الحدود والنفوس باسم “دلتا”.

وها نحن اليوم أمام متحورات ومشتقات أكثر غموضًا للفيروس تارة باسم “دلتا بلس”، وأخرى بأسماء ضقنا ذرعا من تتبع آثارها أو اقتفاء خطاها، رغم ذلك كان الفريق الوطني لا يغمض له جفن، ظل يتابع رحلة الفيروس الغامض، وظل يكافح أشكاله وأفعاله، ويتصدى لتحوراته وتحولاته وصولاته وجولاته، تارة بالغلق الجزئي، وأخرى بالتوعية ونشر المعرفة عبر جميع الوسائل والوسائط وأجهزة الإعلام، وأخيرة بتوفير التطعيم المجاني والفحص المجاني على كل من يعيش أو يمر على هذه الأرض الطيبة.

بالنتيجة انخفضت الإصابات بفعل الغلق الجزئي من أكثر من 3 آلاف إصابة يوميا إلى أقل من ١٢٠، والوفيات من ٢٨ كحد أقصى في أحد أيام الشهور القريبة الماضية إلى3 وفيات وأقل في المتوسط يوميا.

منذ أيام تم فتح الاقتصاد، المجمعات والمتاجر والمطاعم والمقاهي، ظنا أو فألا حسنا أو ثقة كبيرة من الدولة في الناس، وها نحن أمام الاختبار الكبير، بأن نكون بحجم المسؤولية، وأن نرتفع إلى مستوى التحدي، بأن نواصل الاحتراز رغم الانفتاح، أن نحفظ لأنفسنا مساحة التباعد الاجتماعي التي يجب أن تكون على قدرها، وأن نساعد الحكومة، التي راهنت على وعينا مرارا وتكرارا، بأن تكسب الرهان هذه المرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية