العدد 4555
الأحد 04 أبريل 2021
banner
كفوا عن هذا العبث
الأحد 04 أبريل 2021

من منا لا يتذكر المشهد المضحك للكوميدي المعروف عادل إمام من عمله المسرحيّ “شاهد ما شافش حاجة”، عندما طلب القاضي من الشاهد في المسرحية وهو عادل إمام أن يدلي بشهادته في جريمة قتل المرأة، فكانت إجابته التي هي نقلا عن الآخرين ولم يكن هو شخصيّا شاهدا بأمّ عينه أي أنهم “قالوا له إنّها ست مش ولابدّ”، لكنّ دفاع المحامي كان في صف القتيلة واعتبر شهادة الشاهد - هنا - غير منطقيّة والدليل “قالوا له”.

الذي بات معروفا أن البعض تستهويهم التسلية في المحرّمات، ولا تفسير لها سوى تبرئة الذات مما بها من نقص، ألا تلاحظون أنّ كلام الكثيرين لا يستند إلى حقائق مؤكدة، وهو في مجمله يمكن إدراجه تحت الجملة الذائعة “القيل والقال” ليس أكثر، والمصيبة أنها لا تقف عند القول وحده لكن فيما قد يترتب عليه من مآس وكوارث فادحة ربما تسبب تفككا للروابط الأسرية وإحداث شقاق بين الإخوة.

مثل هذه العادة أصبحت متفشية في معظم المجتمعات والأكثر فداحة أنّ لدى بعض الفئات ميولا لتصديقها والخطورة تتمثل في أنّ هناك من يجد في نقلها متعة لا تضاهى بما يضفي عليها من الخيال حتى تصبح قابلة للتصديق، من هنا تنتشر الشائعات كالنار في الهشيم والتي هي في الأصل محض افتراء ولا أساس لها من الصحة.

ورغم أنّ ديننا الإسلامي حذر من التعرض للآخرين بما يمس سمعتهم وإلصاق التهم بهم جزافا كما قال رسولنا الأكرم محمد بن عبد الله “ص” (وكرّه لكم قيل وقال وكثرة السؤال)، إلاّ أنّ النهش في حياة الآخرين أصبح سلوكا شائعا للأسف الشديد. ألا يدرك هؤلاء مدى الضرر الذي من الممكن أن تحدثه عاداتهم المقيتة والمدمرة بل المشينة بحق أبرياء من الناس لا لذنب اقترفوه سوى حظهم العاثر، وقد يذهب البعض إلى مدى أبعد في روايته المختلقة حد القول إنّ مصدره “رجلا ثقة”! وكثيرون هم الذين وقعوا ضحية لمثل هذه الشائعات المختلقة واتهموا ظلما فباتت سيرتهم تلوكها الألسن، ولو أنك حذرت “الناقل” من العقاب الأخروي جراء فعلته فليس مستغربا أن يأتي الرد إنّ مصدره ثقة!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية