العدد 4522
الثلاثاء 02 مارس 2021
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
ما أحاط بحَنَكَي الفَرَس
الثلاثاء 02 مارس 2021

موضوع اليوم يستحق الاستحضار من جوانب عدة، وله علاقة وطيدة بتطور الحياة ومتغيراتها لأنه علم يتصف بالإحكام المتضمن فنون تهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به، لذلك قد يراه البعض صعبًا أو مقتصرًا على فئات معينة وهبها الله ذلك بالفطرة، وهذا يحصل عندما نتحدث عن الحكمة والحكماء، وصرنا نستبعد زمانًا يولد فيه لقمان الحكيم، فاسمحوا لنا في هذه المساحة المتجددة أن نلوم أنفسنا قليلاً، كما في الحكمة المشهورة “ألومُ منْ لا يعدُ اللومَ منقصةً” لأننا جميعًا نمتلك المعرفة، وهي الأساس الذي ينقلنا إلى تلك المرحلة التي تعد أعلى المراتب التي يصل إليها الإنسان الحكيم، لكنها قد تكون في مرحلة تالية بعد الفلسفة، وتتطلب جهدًا لا يستهان به من الاتزان العقلي.

المغزى من ذلك كله، والحكمة نور القلب كما يقال.. يمكننا تعريفها على أنها القيام بما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، باعتبارها النظرة العميقة العملية التي ترتبط بالذكاء ودقة الملاحظة، فهذا يعني أنها علم يكتسب من الحياة أيضًا، لذلك والرأي شخصي هنا، فإن الحكمة ذات علاقة بالعلم والعمل ولا تنفصل إطلاقًا عن خط الإلهام والتفكير الإبداعي لأنها علم تبحث فيه حقائق الأشياء كما هي عليه وفق درجة من الإحكام، وذلك يساعد فعليًا على بلورة متكاملة للاستفادة من إمكانيات الطاقة البشرية، ويستدعي هذا العلم استدامة منهجيته من خلال التدرب عليه بمختلف الوسائل والأساليب والعمل على توثيق أبرز النتاجات والمحصلات في ذلك، كما تم توثيقها في الحضارات السابقة في الشعر والأدب، والتي اتخذت من القرآن الكريم أنموذجًا لها في الكثير من المواقف والتجارب الحياتية، أما نحن اليوم.. أين نرى الحكمة في عصرنا هذا؟

من واقعنا الحضاري اليوم فإن الحكمة نراها ترافق الإبداع في بعض الأحيان، وطالما أننا في عالم متغير باستمرار وحظينا بالعديد من الفرص التي منحتنا الكثير من التجارب والخبرات وصرنا في بقعة كونية منفتحة على بعضها انفتاحًا تقنيًا، فإننا أجدر حضارة تستحق توثيق الحكمة والحكماء لأننا رسخنا أروع صور التفاعل الحقيقي بين العلم والعمل.. المعرفة والعقل، وجاءت حصيلة الحكمة محكمة في نظرة حاكم، عظمة قائد، منهجية عالم.

لذلك وقبل أن يجدر بنا الختام هنا.. دعونا نعطي الحكمة حقها في التعريف اللغوي لأن الأصل يقول: “ما أحاط بحَنَكَي الفرس” سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد وتذلل الدابة لراكبها، أي الغرض منها أولاً وأخيرًا هو التوجيه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية