+A
A-

فريق بحثي بحريني ينتهي من تطوير تطبيق لحماية الحياة البحرية

شكلت الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء بالتعاون مع جامعة البحرين فريقا بحثيا مشتركا لتوظيف الذكاء اصطناعي في حماية الحياة البحرية وذلك في اطار مذكرة التفاهم المبرمة بينهما، حيث يتولى الفريق تطوير تطبيق رائد وفريد من نوعه على مستوى الخليج العربي والمتمثل في صياغة خوارزميات تعتمد مبادئ الذكاء الاصطناعي لرصد الأنسكابات النفطية باستخدام البيانات والصور الفضائية المستلمة من الأقمار الصناعية المتخصصة في الأستشعار عن بعد.

ان المنطقة المستهدفة في هذا التطبيق هي المياه الاقليمية لمملكة البحرين، وتم اختيار فكرة التطبيق من مبدأ المحافظة على البيئة البحرية وما تزخر به من ثروات طبيعية تسهم في الحفاظ على مستويات الأمن الغذائي للمملكة، والبيئة البحرية بيئة شديدة الحساسية لعدد من العوامل من بينها الملوثات البيئية ومن ذلك ما الذي تسببه الانسكابات النفطية أي كان مصدرها من اضرر متنوعة وعلى فترات زمنية مختلفة، وعليه سعى الفريق لاستغلال ما اكتسبه من خبرات ومعارف ومهارات لتوظيفها في خدمة مملكة البحرين من خلال هذا المشروع الرائد.

في الإصدار الأولي من التطبيق تمكن الفريق من تنفيذ خوارزميات رصد الانسكابات النفطية بدقة قاربت 87% ، ومع مواصلة العمل على تطوير تلك الخوارزميات نجح فريق العمل في المرحلة النهائية من التطبيق إلى رفع نسبة الدقة إلى ما يقارب 91% وذلك نتيجة لتمكنه من زيادة البيانات الفضائية بالتعاون مع عدة وكالات فضائية دولية مما ساهم في تعزيز قدرات البرنامج بشكل يتوافق مع أفضل الممارسات في مثل هذه التطبيقات.

تجدر الإشارة إلى انه وفقا للمعايير العالمية في هذا المجال، فان الدقة المثالية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي من هذا النوع هي في حدود 85%.  وان هذا التطبيق يتمحور حول تصميم وتنفيذ خوارزميات متكاملة قادرة على التعامل مع الصور والبيانات الفضائية بشكل مباشر ومن دون أي تدخل بشري ليقوم التطبيق بتحليلها ومن ثم إعطاء تحذيرات في حال تم رصد الأنسكابات النفطية في المناطق المستهدفة. ان فريق العمل اطلع على مجموعة من التطبيقات التجارية المماثلة لهذا التطبيق وتعرف على أبرز مميزاتها وعيوبها، كما أخذ فكرة حول أسعار شراءها واستخدامها وتكاليف تنفيذها والتي تعتبر عالية التكلفة جدا مقارنة بما تم تنفيذه، لذا فإن هذا التطبيق الذي اعد بسواعد بحرينية شابة قادر على منافسة ما هو متوفر في السوق العالمي من حيث الجودة والتكاليف.

بعد أن تم الانتهاء من تطوير التطبيق واختباره على المياه الإقليمية لمملكة البحرين قام الفريق بعدة اختبارات أخرى للتطبيق ومن أبرزها استخدامه على بيانات فضائية لبيئات بحرية مختلفة في داخل مياه الخليج العربي والبحر الابيض المتوسط وخليج المكسيك، وعلى عدة مناطق بحرية أخرى، وقد فاقت النتائج كل التوقعات، حيث نجح التطبيق في رصد التسربات النفطية في جميع البيئات البحرية، مما يؤكد إمكانية استخدامه على مستوى العالم.

من جانبها اعربت الدكتورة فاطمة البلوشي عن سعادتها بإنجاز الفريق، حيث ان نسبة الدقة التي وصل لها التطبيق المنجز فائقة النظير، وذكرت أن الفريق يتطلع لتنفيذ المزيد من التطويرات على المشروع وجعله يشمل خصائص اضافية بحيث يتم تحسين عمل الخوارزميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لجعلها تشمل التنبؤات بالملوثات البحرية قبل حدوثها بفترة كافية من الزمن ليتسنى للجهات المختصة اخذ الاجراءات الاحترازية لتقليل االمخاطر. كما أبدت الدكتورة البلوشي ارتياحها من التعاون العلمي بين الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء وجامعة البحرين والذي يعد نموذجا للتكامل والتنسيق الناجح بين المؤسسات العلمية في المملكة، مثمنة الدعم الكبير الذي حصل عليه الفريق من الهيئة والجامعة مما كان له أثرا في نجاح هذا المشروع بما يعكس ايمانهما بأهمية البحث العلمي والابتكار لتحقيق التنمية الوطنية المنشودة خدمة لهذا الوطن الغالي.

فيما أوضحت التقنية شيماء المير أن التوجه المستقبلي على مستوى العالم سيكون نحو الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتطوير كافة الأنظمة التحليلية واتمتتها. وأكدت المير ان الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء حريصة على تدريب كوادرها في مجالات علوم المستقبل والذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء وتسليحهم بالمهارات اللازمة لتحقيق أفضل مستويات الأداء في انجاز أعمالهم، حيث اتاحت لهم فرص المشاركه في عدة دورات تم تنفيذها من قبل جامعات متخصصة في مثل هذه المجالات منها جامعة توينتي في هولندا وجامعة سان بطرسبورج في جمهورية روسيا الأتحادية وأكاديمية الذكاء الاصطناعي ببوليتكنك البحرين بالتعاون مع شركة مايكروسوفت.

عن دورها في هذا المشروع قالت التقنية عائشة الهاجري: "ان هذا المشروع أكسبني الكثير من المهارات الجديدة في تقنيات تحليل البيانات الفضائية، كما أضاف لرصيدي من لغات البرمجة التي تستخدم في بناء خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتي صقلت من خلال عملي وتدريبي في الهيئة. لقد ساهمت في بناء مجموعة من تلك الخوارزميات ومراجعة وتطوير عدد آخر لرفع نسبة دقة النتائج لتتماشى مع المستويات العالمية في مثل هذه التطبيقات والتي اطلعنا ودرسنا حزمة منها خلال عملنا في المشروع. إنني جدا فخورة بهذا الإنجاز وبوجودي مع هذا الفريق المتجانس والمتميز والحريص على تجاوز كافة التحديات في سبيل تحقيق الهدف خدمة لهذا الوطن العزيز."

الجدير بالذكر ان الفريق يواصل عمله حاليا لنشر عدة أوراق بحثية في مجلات علمية محكمة، وان المرحلة القادمة ستشهد تنفيذ اصدار جديد من التطبيق قادر على التنبؤ بالأنسكابات النفطية قبل حدوثها بما يعزز من قدرات الجهات الرقابية والأمنية ذات الصلة ليدعم الجهود التي تقودها الحكومة الموقر لحماية البيئة البحرية وتعزيز الأمن الغذائي للمملكة.